الخميس، أبريل 06، 2006

مخطوطة تشكّك بواقعة خيانة يهوذا للمسيح


هل كان يهوذا خائناً فعلاً بتسليمه السيد المسيح إلى الجيش الروماني؟ أم أنه كان تلميذاً مخلصاً لمعلمه، قام بفعلته هذه بطلب منه من أجل خلاص البشرية؟ سؤال يتوقع أن يثير جدلاً واسعاً داخل الكنيسة، طرحه أمس الإعلان عن التثبت من مخطوطة فقدت منذ أكثر من 1700 عام وعثر عليها في سبعينيات القرن الماضي قرب المنيا في مصر.
المخطوطة المذكورة هي عبارة عن 26 صفحة من ورق البردى، تعود إلى القرن الثالث أو الرابع الميلادي، مكتوبة باللغة القبطية العامية، وتحتوي على النسخة الوحيدة المعروفة للإنجيل بحسب يهوذا، الذي يعتبر العهد الجديد أنه خان المسيح. وفي هذا الإنجيل، الذي لا تعترف به الكنيسة ونشرت أمس للمرة الأولى صفحات منه، لا يظهر يهوذا كالشخص الخائن، بل كأحد تلامذة المسيح المخلصين، وأنه نفذ رغبته بتسليمه إلى الرومان. وقال المسؤول في مجلة <<ناشيونال جيوغرافيك>>، تيري غارسيا، <<تم التحقق من صحة هذه المخطوطة التي فقد أثرها منذ 1700 سنة>>، موضحاً أن عملية التحقق من صحة الوثيقة، التي ترجمت إلى الإنكليزية والألمانية والفرنسية، تمت باللجوء إلى تقنيات عديدة. وتابع غارسيا أن <<بعض الخبراء يعتبر هذا الاكتشاف العظيم لنصوص قديمة من أهم الاكتشافات خلال السنوات الستين الأخيرة. وهو يساهم في تعميق إلمامنا بالتاريخ والآراء اللاهوتية المختلفة مع بداية ظهور المسيحية>>. وأشار غارسيا إلى أن هذه المخطوطة هي عبارة عن نسخة من مخطوطة كتبت باللغة اليونانية القديمة. وبيعت المخطوطة، التي عثر عليها قرب المينا في مصر في السبعينات، وبينها الإنجيل ووثائق أخرى، إلى تاجر آثار مصري في العام 1978 لم ينجح في بيعها، فوضعها في خزنة مصرف في هيكسفيل في نيويورك لمدة 16 عاما، ما عجل في تعفنها.وبدا ورق البردى في الصور شبيها بورق الخريف البنية والناشفة. وقال غارسيا انه تفتت الى اكثر من الف قطعة. وفي العام 2001، بدأت <<المؤسسة الادبية للفن القديم>> في سويسرا، بنسخ وترجمة المخطوطة من القبطية. وبعد سنوات، اظهرت اختبارات علمية ان المخطوطة نسخت 300 مرة.
ويبدأ نص المخطوطة بالعبارة التالية: <<الرواية السرية لسفر الرؤيا الذي تحدث عنه يسوع في حديث مع يهوذا الاسخريوطي>>. ويقول المسيح ليهوذا، وفق هذه المخطوطة، <<ستتفوق عليهم جميعهم. لأنك ستضحي بالرجل الذي كساني>>. ويقول علماء اللاهوت إن هذه العبارة تشير إلى أن يهوذا سيساعد في تحرير روحه بمساعدة يسوع على التخلص من جسده البشري. وتمت الإشارة إلى هذه المخطوطة، للمرة الأولى، في أطروحة كتبها، حوالى العام 180 ميلادية، أسقف ليون، ايرينيوس، الذي شجبها باعتبارها تختلف عن التيار الأساسي للمسيحية، مشيراً إلى أنها تقدم رواية زائفة. ومعروف أن مجموعة من الأناجيل كانت متداولة في حينها، غير الأناجيل الأربعة التي تعترف بها الكنيسة حالياً. ويعتقد أن المؤمنين بهذه الأناجيل قد أخفوها عندما نبذتها الكنيسة. وقد احتفظت بإنجيل يهوذا مجموعة يطلق عليها اسم <<الغنوسطيون>>، الذين يعتقدون بأن طريق الخلاص كان عبر معرفة سرية أعطاها يسوع إلى الحلقة الضيقة المحيطة به. وتقول ال<<ناشيونال جيوغرافيك>> إن كاتب إنجيل يهوذا يعتقد بأن يهوذا الاسخريوطي وحده فهم المغزى الحقيقي لتعاليم المسيح. وقال رئيس اتحاد اللاهوت الكاثوليكي في شيكاغو، الأب دونالد سينيور، <<ليبدأ نقاش قوي حول دلالة هذا النص القديم الساحر>>. وأعرب سينيور عن شكوكه في أن تنافس هذه المخطوطة العهد الجديد، لكنه توقع أن تختلف الآراء حولها. ويقول أستاذ الدراسات اللاهوتية في جامعة شابمان في أورانج، مارفين ميير، إن النص يساعد في إظهار تنوع الإيمان في المسيحية الأولى فيما تقول أستاذة الديانة في جامعة برينستون ايلين بيغلز، إن <<الأشخاص الذين أحبوا هذه الأناجيل وتبادلوها وكتبوها لم يعتقدوا بأنهم مهرطقون>>. وسينشر انجيل يهوذا في كتاب تصدره <<ناشيونال جيوغرافيك>> وستعرض صفحات من ورق البردى في متحف في واشنطن بدءا من اليوم. وستبقى المخطوطة في المتحف القبطي في القاهرة. (أ ب، أ ف ب)
السفير

ليست هناك تعليقات: