الاثنين، أبريل 10، 2006

جمهورية إسلامية أميركية عاصمتها سياتل


واشنطن : يحيى عبد المبدي
الشرق الأوسط
تدور أحداث هذه الرواية عام 2040 في مدينة سياتل، عاصمة الجمهورية الإسلامية التي تم تأسيسها منذ ربع قرن في أعقاب هجمات نووية متزامنة دمرت مدينتي نيويورك وواشنطن، وألقي باللوم في تنفيذها على إسرائيل والصهيونية، ثم أعقبتها حرب أهلية خربت الاقتصاد والنظام السياسي الاميركي، لتتحول معظم الولايات المتحدة بمرور الوقت إلى مجتمع إسلامي تحكمه الشريعة، أما الجنوب الاميركي فيظل مسيحيا مع وجود صراعات ومناوشات حدودية بين الطرفين.
صدرت اخيراً رواية «صلوات من أجل السفاح ـPrayers for the Assassin للكاتب الأميركي روبرت فرينو، وتتناول ثيمتها الأساسية تحول الولايات المتحدة في المستقبل إلى جمهورية إسلامية. وبغض النظر عن غلاف الرواية المثير لفضول القارئ، حيث تخترق فيه الرموز الإسلامية مثل الهلال والمئذنة صورة لمدينة سياتل الأميركية وفي الخلفية العلم الأميركي ممزقا، فإن الخريطة المرسومة على الغلاف الداخلي للرواية هي الأكثر إثارة وجذبا للانتباه، حيث تفترض الخريطة تحول الولايات المتحدة إلى جمهورية إسلامية. وطبقا للخريطة، تمتد الجمهورية الإسلامية من الساحل الشمالي الشرقي للولايات المتحدة (سابقا) وحتى الساحل الغربي باستثناء ولايتين هما ولاية نيفادا «الحرة» نظرا لوجود أندية القمار الشهيرة في مدينة لاس فيغاس، وولاية يوتا المعروفة بأنها معقل طائفة المورمن المسيحية. وذلك في مقابل الولايات الجنوبية الأميركية التي احتفظت بوحدتها نتيجة تماسكها الديني المسيحي، والتي تعرف في الخريطة باسم حزام الكتاب المقدس، بينما زالت مدن أميركية تاريخية من الوجود مثل واشنطن ونيويورك وديترويت وشيكاغو وانتشرت الأمراض الفتاكة والأوبئة في مناطق مثل فينكس عاصمة ولاية أريزونا ومدينة بيتسبرغ في ولاية بنسلفانيا. وتتخذ «الجمهورية الإسلامية» من مدينة سياتل في أقصى الشمال الغربي عاصمة لها، بينما تعتبر مدينة جورجيا في ولاية أتلانتا عاصمة للحزام المسيحي الجنوبي.
لا تختلف بعض العادات في الجمهورية الإسلامية كثيرا عن العادات في الولايات المتحدة الحالية، وتظل الاختلافات في الشكل والمسميات فقط، ففي أحد المشاهد يذهب بطل الرواية لمشاهدة مبارة نهائي كرة القدم الأميركية التي أقيمت بعد صلاة العصر في إستاد الخميني، كما أن مسابقة الأوسكار للأفلام السينمائية استمر الاحتفال بها في الجمهورية الإسلامية.
تبدأ الحبكة الحقيقية للرواية عندما تختفي مؤرخة مسلمة شابة هي سارة دوغان ابنة أحد كبار المسؤولين الأمنيين بعد عثورها بالصدفة على أدلة تنفي قيام إسرائيل بتنفيذ الهجمات النووية، وتكشف عن تورط ثري إسلامي متطرف في التخطيط للهجمات، الأمر الذي جعل منها هدفا للتصفية من قبل قطاع المتطرفين في الجمهورية الإسلامية. وتوكل مهمة البحث عن سارة لأحد أفضل عناصر الجمهورية الإسلامية تدريبا وكفاءة وإخلاصا وهو رقيم إبس الذي كان على علاقة عاطفية بسارة.
تتحول مهمة رقيم من البحث عن سارة وحمايتها من استهداف قاتل متطرف ومضطرب نفسيا يدعى دارون (في إشارة رمزية إلى مبدأ البقاء للأقوى) إلى مهمة أكبر تتمثل في محاربة التطرف والإرهاب تنتهي بنجاحه في اغتيال المجرم دارون.
الرواية رغم شطحاتها وفنتازياتها، لم تحاول الاستثمار السياسي لأزمة 11 سبتمبر والحرب على الإرهاب، لكنها أبرزت التنوع والاختلاف بين أفراد وفئات المجتمع المسلم، كما عبر الكاتب من خلال الأحداث والشخصيات عن احترامه وتفهمه للعقائد والعبادات الإسلامية .ومن جهة أخرى انتقد بعض النقاد خيالية أحداث الرواية واستحالة حدوثها في الولايات المتحدة حتى في المستقبل البعيد، ورأى البعض إن أوروبا وخاصة فرنسا أو إيطاليا تعتبر نموذجا أكثر ملاءمة لاحتمال حدوث سيناريو مثل هذا. وانتقد هؤلاء تصوير الكاتب لبطل الرواية على أنه من أفضل الشباب الأميركيين المخلصين لأفكار «الثورة الإسلامية» واتهموه بالتعاطف مع المسلمين، معتبرين أنه كان من الأفضل أن يكون هذا البطل اميركياً جنوبياً يسعى إلى تحرير الشمال من حكم الجمهورية الإسلامية.

ليست هناك تعليقات: