الأربعاء، يوليو 26، 2006

ارض خصبة


الأب/سيمون عسَّاف
لن ننحو باللائمة على دول شرق ولا غرب، أن الخطأ الأول وليس الأخير هو من فعل الغباء اللبناني في الفرادى والجموع، وهو بالتالي ابن أنانية وطائفية رخيصتين قادتا إلى تدمير كل أضغاث الحالمين.
علامة استفهام ترسمها الصراحة المطلقة:
هل تركيبة لبنان السياسية صحيحة في الأساس؟
وهل كانت لتُُكتب لها الحياة إلى أمد مُسرمد؟
هل عانق العقل النير يوما بين دين ودين ومحى المساحات المدموغة على صخور التباعد والحذر بين اللبنانيين؟
كي لا نضحك على بعصنا ونكون منطقيين نقول بان هناك هوة عميقة حفرها الذهن الموروث في وطن الأديان والمذاهب ولم يردمها الوجدان المتمادي في العمه والعمى؟
كانت الحروب وما زالت تجد ارضها الخصبة في الرقعة الصغيرة عندنا بسبب التناحر للاستئثار على مفاصل الدولة بالقدر الممكن.
هل الطمع بمكاسب بعض الشرائح في القبض على مفاصل حيوية يبني الكيان الوطني ويقيم العمران؟.
لقد سُمّي لبنان عن قصد أو عن غير قصد ملتقى المدنية والحضارات.
وأية حضارات تبشر بثقافة قتل الإنسان وإبادة الآخر؟
أيجوز الحذف والافتراء بهذا الشكل المرذول؟ متى فكَّر العرب بلبنان مرآة إشعاع وسفينة خلاص وهم يجعلون منه مكبَّا لنفاياتهم ومحطة لمآربهم وماخورا لغرائزهم والرغبات.
لماذا لم يعرف هذا البلد استقرارا وكأنه منذور للخضوع إلى آيات الكتب وفرائض النعرات.
لماذا المداخلات الهدامة لقيادات من قيادات أخرى تضاهيها تمثيلا وقدرة ونضجا ونظافة وقراءة ورؤية؟
هل كان مسموحا التراخي والالتهاء بالقشور واللجوء إلى ذرائع وحجج او هي من خيوط العنكبوت؟
وحده التعالي عن المحسوبية والارتقاء إلى مستوى المصالح الوطنية كان يدفع بعجلة الحُكم ويجنب السقوط في منزلقات الأغلاط والخطر لو قُدِّر لمسؤولين محترمين إدارة الدفة.
كيف والوضع هشّ يتداعى العمار لدن هبة ريح، يرضى المولجون ببقاء واحد مقتدر له وزن وثقل خارج آلية المسؤولية في الخطب الجلل؟
أما كان من المفروض أن ينخرط داخل دائرة القرار كل الذين حازوا على ثقة الشعب من دون استثناء؟
في يقيني أن لا مجال للحسابات المغرضة في الظروف الحاسمة والمصير معلق بخيط مسلول على قرن عفريت.
كان على الجميع المشاركة بالتبعات ليتسنى مطالبة الجميع بالنتائج.
لكن في التغييب والاستبعاد تبدأ السقطة، والدليل مُفحم عما حل من نسف للبنى التحتية المرمدة؟ يفتقد اللبنانيون إلى الوعي الثاقب وتغيير القناعات وإلا تشهد خلاصة المرحلة على قصر نظر الماسكين بمفاتيح الحل المبهم والربط الموهوم.
شمل الخراب البلاد وتشرد الناس وتفاقمت المآسي والعاهات على مجتمعنا التاعس المنكوب. للمرة الألف نردد بان هذا الغضب حصيلة الخداع الناشب مخالبه في نفسيات السياسيين، وانعدام الصدق والاتفاق والتكافؤ والائتلاف.
من يتحمل أوزار الكوارث إلا أولئك المتعجرفون بإعدادهم العاجزة عن إتيان الأعاجيب واجتراع المعجزات.
وقعوا في خطيئة الكبرياء فاوقعوا معهم مليون مواطن في الفقر والقهر والخواء، ناهيكم عما جرّ هذا التفرد بالأمر من هفوات تخجل بها جبهة التاريخ ويندى لها جبين الأجيال.
كيف يعلو بنيان وطن والمراهقة الصبيانية والتكاذب والنفاق ملجأ لأهل الحكم؟
أساليب غريبة عن السلوك المرعي اعتمده المسلطون على رقاب العباد فكان هذا الكابوس الناري الحارق الأعناق والأرزاق؟
جلس المتحاورون على طاولة الحوار فكانوا بعد مخاض عسير يلهثون وراء الوقت الضائع في عملية هروب إلى الأمام.
لم تثمر اللقاءات الفارغة ولا الإرادات الواهنة إلا العبث لان النيات كانت تسعى إلى الاحتفاظ بتشبثها ضاربة عرض الحائط بمصلحة الشعب المعذب المستسلم المسكين.
ها نحن الآن نخبط كالناقة خبط عشواء في رمال لا ركون لها ولا ثبات.
حصادنا حرب شعواء شنها اليهود ضد حزب الله فكانت مجلبةً للخيبات والاندحار.
ورغم حدوث ما حدث لا ضير طالما يطرح السؤال ذاته عما سيلاقي اللبنانيون بعد استكان الحال ولجم أزيز الرصاص وخنق حقد المدافع؟
إلى أين سيذهب البلد وحزب الله سيحاسب من وشى به وعمل ضده ونكر عليه علمه وعمله مقاومة ًوتحريرا مزيفََين؟
إننا فعلاً في مغطس وحل وما سوى كف الله تنقذنا من البلايا والأهوال والموت والويلات. نخاف من مذابح وارتكاب جرائم واقتراف مآثم لا سيما متى ما أُعلن عن هدنة ووقف إطلاق نار هذا إذا وقف النار ولم يغمر الشرق والعالم.
أجل سيرتد إلى فتنة ما لم يتدارك أولوا الشأن الهنيهات الدقيقة ويبرروا بالحُسنى مواقفهم لرأب صدع وجبر شرخ ولغة ألفة. يجوز أن يسلم حزب الله سلاحه وبالتأكيد سيسلم، وإنما لن يسلم كرامته والشموخ ومعنوياته والعنفوان إلى نقيض له يتحرك أمامه على الساحة كالديك الهندي من دون منازع! ومتى كان المتراس يشبه الأريكة حتى تنتهي القضية بتقبيل اللحى؟
وصايا الأئمة تنسرب من الرعيل إلى السليل، فمن ناصر الله يُدعى نصرا لله في قاموس التشيُّع، ومن حازب الله كان مجاهدا في حزب الله وفي ناموسه.
وهل من فرق بين السبطين وبين هذا الحسن؟ لا أُغالي إذا قلت لا، لأن للرجل نحبه أو نكرهه إطلالة القائد لأمته.
إن الأبواب مفتوحة كالحرب المفتوحة على احتمالات لا حد لها ولا عد بخصوص السلاح وانتزاعه وتطبيق القرار1559 على أمل الخلاص من هذا البركان الجارف نصلي إلى الرب ليرفق بنا ويرمق بعطفه شملنا وينقذنا في زمن التخلي الذي قد يطاول مشارف الأبد.

ليست هناك تعليقات: