بقلم صالح الراشد
ناضم المسباح شيخ صحوي كويتي راديكالي حتى العظم، وهو أيضاً (رسام كاريكاتير) بارع- ربما دون أن يشعر- عندما يضع نفسه، ومنطقه، ليعبّر بالكلمة، وليس بالصورة، عن مدى تخلفه وتخلف المد الصحوي عن منطق العصر وقيَمه ومُـثله بشكل (مُغرق) في الكاريكاتيرية.
هذا الشيخ أفتى بجواز قتل الرسام الدانمركي، مستنداً إلى فتوى لابن تيمية تقول بذلك. هذه الفتوى وردت في كتاب ابن تيمية: (الصارم المسلول على شاتم الرسول)، الذي اعتمد فيه بدوره على رواية وردت في صحيح أبو داود (4362) يقول نصها : (عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ يَهُودِيَّةً كَانَتْ تَشْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقَعُ فِيهِ ، فَخَنَقَهَا رَجُلٌ حَتَّى مَاتَتْ ، فَأَبْطَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَمَهَا). وعقب ابن تيمية (في الصارم المسلول 2/126) بالقول : (وهذا الحديث جيد، وله شاهد من حديث ابن عباس الذي ورد في صحيح أبو داود (4361) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلاً أَعْمَى كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ تَشْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَقَعُ فِيهِ ، فَيَنْهَاهَا فَلا تَنْتَهِي، وَيَزْجُرُهَا فَلا تَنْزَجِرُ، فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ جَعَلَتْ تَقَعُ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَشْتُمُهُ ، فَأَخَذَ الْمِغْوَلَ [سيف قصير] فَوَضَعَهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا فَقَتَلَهَا. فَلَمَّا أَصْبَحَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَمَعَ النَّاسَ فَقَالَ : أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلا فَعَلَ مَا فَعَلَ لِي عَلَيْهِ حَقٌّ إِلا قَامَ. فَقَامَ الأعْمَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَنَا صَاحِبُهَا ، كَانَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ فَأَنْهَاهَا فَلا تَنْتَهِي، وَأَزْجُرُهَا فَلا تَنْزَجِرُ، وَلِي مِنْهَا ابْنَانِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ، وَكَانَتْ بِي رَفِيقَةً، فَلَمَّا كَانَ الْبَارِحَةَ جَعَلَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ، فَأَخَذْتُ الْمِغْوَلَ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأْتُ عَلَيْهَا حَتَّى قَتَلْتُهَا. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَلا اشْهَدُوا أَنَّ دَمَهَا هَدَرٌ).
وهذا صحوي راديكالي آخر - سعودي هذه المرة - اسمه الشيخ عبدالعزيز الراجحي، يدعو إلى قتل الرسام الدنمركي تنفيذاً لفتوى ابن تيمية نفسها. يقول في فتوى له حول قتل الرسام الدنمركي (إذا أمكن)، معترضاً على الاكتفاء بالمقاطعة والاعتذار ما نصه: (وليس لهذه المقاطعة غاية تنتهي إليها، إلا بمحاسبة تلك الصحيفة ومسؤوليها، ورسَّامي الرسوم وكُلّ ذي صلة بها، ومعاقبتهم عقوبة حاسمة رادعة). وهذه العقوبة الرادعة في رأيه هي (القتل) تنفيذاً لفتوى ابن تيمية سالفة الذكر !.
ليس هذا فحسب، وإنما (يرفض) الشيخ الراجحي حتى مبدأ الحوار معهم. يقول عن (الحوار) مع الغرب: (وهذه كذبةٌ بلقاء، وحيلةٌ بلهاء ، فإنَّ الله عز وجل لم يَأْذَنْ بـ (الحوار) مع الكفار إلا ببنائه على أصلَيْنِ اثنَيْنِ هما: أ- دعوتهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، والإيمان بنبيه محمد. ب- بيان بُطْلان دينهم وفساده، وأَنْ اللهَ لا يقبله منهم، ولا يقبل غيرَ الإسلام). ثم يواصل: (أَمَّا ما ينادي به بَعْضُ الُجهَّال، من أن تكون غايةُ المقاطعة اعتذارَ الحكومة الدنمركية أو الصحيفة : فليس من الحق ولا العقل في شيء (!!)، وحكمٌ لم يشرعه الله ولا رسوله. وهذه الجناية حَقٌّ عظيم لله عزَّ وجلَّ، ليس لأحد أَنْ يتنازل عنه، أو يُعلن المُـسامحة). وهو هنا يُشير بوضوح إلى (رفضه) مبدأ حوار الثقافات أو الأديان أصلاً، فالعلاقة بالآخر في قواميسه ومعاييره: إما أن تتبعني وإلا فالسيف: (منهج ابن لادن) !
وأنا هنا لست بصدد نقاش هذه الفتاوى، ولا بيان تهافتها، وتهافت فكرها، وبعدها عن الواقع والموضوعية، والدين، والأخلاق، بل والقيم الإنسانية، وارتباطها بالإرهاب وفكره ومنطقه، وخطورتها على سمعة الإسلام وقيمه وأهدافه ومقاصده ودعاته، فهي تتحدث عن نفسها، وعن همجية ودموية وتخلف أصحابها.. إنما أردت أن أضع تحت الضوء الجانب المظلم والمتعفن والمخيف لقضية الرسوم الكاريكاتيرية من الجانب الآخر، والتي تمثلت في هذه الفتاوى. فإذا كان من حق المسلمين أن يعترضوا (سلمياً) على هذه الممارسة العنصرية، ومن حقهم كذلك مقاطعة البضائع الدنمركية، فإن بين تلك الجموع الغاضبة (مندسون) يُحاولون جرّ هذه القضية من كونها ممارسة (ديمقراطية)، وحقٌ من حقوق الإنسان المسلم (المتحضر) للتعبير عن غضبه، إلى جعلها داعمَ (إرهاب)، ومبرراً للحقد، ومحرضاً على القتل و الاغتيال وإزهاق الأرواح. وأنا هنا أسأل: ما الفرق – بالله عليكم - بين هؤلاء المحرضين وبين من (اندسوا) بين جموع المتظاهرين في دمشق وبيروت، وأحرقوا السفارات، وأفرغوا تلك التظاهرات السلمية من أهدافها؟
وإذا كان على الحكومات الإسلامية أن تذب عن سمعة الرسول، وعن الرموز والقيم والمثل الإسلامية، كما يُطالب البعض، فيجب – أولاً - أن تبدأ بأبنائها المتطرفين هؤلاء وليس من (أبناء) الدانمرك؛ فمثل دعاة القتل والدم والإرهاب هؤلاء محلهم دور (التقويم النفسي)، أو السجون والمعتقلات، وليس أئمة للمساجد، أو معلمين، أو وعاظ، فضلاً عن مشايخ وأصحاب دعوة وفكر وقلم. وليس لدي أدنى شك في أن تركهم يعيثون بالدين والمتدينين وبسطاء المسلمين فساداً، ويشوهون صورة الإنسان المسلم، ثم يوظفونها هذا التوظيف (الإرهابي) الخطير، هو لعمري أقسى وأعمق أثراً و أشد إيلاماً من ريشة ذلك الرسام العنصري. بقي أن أقول أن مثل هذه الفتاوى (الدموية) هي أيضاً (كاريكاتيرية) عندما تنظر إليها بمقاييس المكان والزمان ومنطق الأشياء.وأخيراً أفلا يحق لنا أن نقول : عاقبوا أبناءكم قبل الدانمركيين، فالأقربون أولى بالعقاب هذه المرة، والأولى أن تبدؤوا بأنفسكم وبتراثكم و(أقوال علمائكم) قبل أن تعترضوا على الآخرين أيها السادة!؟
هذا الشيخ أفتى بجواز قتل الرسام الدانمركي، مستنداً إلى فتوى لابن تيمية تقول بذلك. هذه الفتوى وردت في كتاب ابن تيمية: (الصارم المسلول على شاتم الرسول)، الذي اعتمد فيه بدوره على رواية وردت في صحيح أبو داود (4362) يقول نصها : (عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ يَهُودِيَّةً كَانَتْ تَشْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقَعُ فِيهِ ، فَخَنَقَهَا رَجُلٌ حَتَّى مَاتَتْ ، فَأَبْطَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَمَهَا). وعقب ابن تيمية (في الصارم المسلول 2/126) بالقول : (وهذا الحديث جيد، وله شاهد من حديث ابن عباس الذي ورد في صحيح أبو داود (4361) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلاً أَعْمَى كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ تَشْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَقَعُ فِيهِ ، فَيَنْهَاهَا فَلا تَنْتَهِي، وَيَزْجُرُهَا فَلا تَنْزَجِرُ، فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ جَعَلَتْ تَقَعُ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَشْتُمُهُ ، فَأَخَذَ الْمِغْوَلَ [سيف قصير] فَوَضَعَهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا فَقَتَلَهَا. فَلَمَّا أَصْبَحَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَمَعَ النَّاسَ فَقَالَ : أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلا فَعَلَ مَا فَعَلَ لِي عَلَيْهِ حَقٌّ إِلا قَامَ. فَقَامَ الأعْمَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَنَا صَاحِبُهَا ، كَانَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ فَأَنْهَاهَا فَلا تَنْتَهِي، وَأَزْجُرُهَا فَلا تَنْزَجِرُ، وَلِي مِنْهَا ابْنَانِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ، وَكَانَتْ بِي رَفِيقَةً، فَلَمَّا كَانَ الْبَارِحَةَ جَعَلَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ، فَأَخَذْتُ الْمِغْوَلَ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأْتُ عَلَيْهَا حَتَّى قَتَلْتُهَا. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَلا اشْهَدُوا أَنَّ دَمَهَا هَدَرٌ).
وهذا صحوي راديكالي آخر - سعودي هذه المرة - اسمه الشيخ عبدالعزيز الراجحي، يدعو إلى قتل الرسام الدنمركي تنفيذاً لفتوى ابن تيمية نفسها. يقول في فتوى له حول قتل الرسام الدنمركي (إذا أمكن)، معترضاً على الاكتفاء بالمقاطعة والاعتذار ما نصه: (وليس لهذه المقاطعة غاية تنتهي إليها، إلا بمحاسبة تلك الصحيفة ومسؤوليها، ورسَّامي الرسوم وكُلّ ذي صلة بها، ومعاقبتهم عقوبة حاسمة رادعة). وهذه العقوبة الرادعة في رأيه هي (القتل) تنفيذاً لفتوى ابن تيمية سالفة الذكر !.
ليس هذا فحسب، وإنما (يرفض) الشيخ الراجحي حتى مبدأ الحوار معهم. يقول عن (الحوار) مع الغرب: (وهذه كذبةٌ بلقاء، وحيلةٌ بلهاء ، فإنَّ الله عز وجل لم يَأْذَنْ بـ (الحوار) مع الكفار إلا ببنائه على أصلَيْنِ اثنَيْنِ هما: أ- دعوتهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، والإيمان بنبيه محمد. ب- بيان بُطْلان دينهم وفساده، وأَنْ اللهَ لا يقبله منهم، ولا يقبل غيرَ الإسلام). ثم يواصل: (أَمَّا ما ينادي به بَعْضُ الُجهَّال، من أن تكون غايةُ المقاطعة اعتذارَ الحكومة الدنمركية أو الصحيفة : فليس من الحق ولا العقل في شيء (!!)، وحكمٌ لم يشرعه الله ولا رسوله. وهذه الجناية حَقٌّ عظيم لله عزَّ وجلَّ، ليس لأحد أَنْ يتنازل عنه، أو يُعلن المُـسامحة). وهو هنا يُشير بوضوح إلى (رفضه) مبدأ حوار الثقافات أو الأديان أصلاً، فالعلاقة بالآخر في قواميسه ومعاييره: إما أن تتبعني وإلا فالسيف: (منهج ابن لادن) !
وأنا هنا لست بصدد نقاش هذه الفتاوى، ولا بيان تهافتها، وتهافت فكرها، وبعدها عن الواقع والموضوعية، والدين، والأخلاق، بل والقيم الإنسانية، وارتباطها بالإرهاب وفكره ومنطقه، وخطورتها على سمعة الإسلام وقيمه وأهدافه ومقاصده ودعاته، فهي تتحدث عن نفسها، وعن همجية ودموية وتخلف أصحابها.. إنما أردت أن أضع تحت الضوء الجانب المظلم والمتعفن والمخيف لقضية الرسوم الكاريكاتيرية من الجانب الآخر، والتي تمثلت في هذه الفتاوى. فإذا كان من حق المسلمين أن يعترضوا (سلمياً) على هذه الممارسة العنصرية، ومن حقهم كذلك مقاطعة البضائع الدنمركية، فإن بين تلك الجموع الغاضبة (مندسون) يُحاولون جرّ هذه القضية من كونها ممارسة (ديمقراطية)، وحقٌ من حقوق الإنسان المسلم (المتحضر) للتعبير عن غضبه، إلى جعلها داعمَ (إرهاب)، ومبرراً للحقد، ومحرضاً على القتل و الاغتيال وإزهاق الأرواح. وأنا هنا أسأل: ما الفرق – بالله عليكم - بين هؤلاء المحرضين وبين من (اندسوا) بين جموع المتظاهرين في دمشق وبيروت، وأحرقوا السفارات، وأفرغوا تلك التظاهرات السلمية من أهدافها؟
وإذا كان على الحكومات الإسلامية أن تذب عن سمعة الرسول، وعن الرموز والقيم والمثل الإسلامية، كما يُطالب البعض، فيجب – أولاً - أن تبدأ بأبنائها المتطرفين هؤلاء وليس من (أبناء) الدانمرك؛ فمثل دعاة القتل والدم والإرهاب هؤلاء محلهم دور (التقويم النفسي)، أو السجون والمعتقلات، وليس أئمة للمساجد، أو معلمين، أو وعاظ، فضلاً عن مشايخ وأصحاب دعوة وفكر وقلم. وليس لدي أدنى شك في أن تركهم يعيثون بالدين والمتدينين وبسطاء المسلمين فساداً، ويشوهون صورة الإنسان المسلم، ثم يوظفونها هذا التوظيف (الإرهابي) الخطير، هو لعمري أقسى وأعمق أثراً و أشد إيلاماً من ريشة ذلك الرسام العنصري. بقي أن أقول أن مثل هذه الفتاوى (الدموية) هي أيضاً (كاريكاتيرية) عندما تنظر إليها بمقاييس المكان والزمان ومنطق الأشياء.وأخيراً أفلا يحق لنا أن نقول : عاقبوا أبناءكم قبل الدانمركيين، فالأقربون أولى بالعقاب هذه المرة، والأولى أن تبدؤوا بأنفسكم وبتراثكم و(أقوال علمائكم) قبل أن تعترضوا على الآخرين أيها السادة!؟
عن إيلاف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق