السبت، يونيو 03، 2006

هل نصر الله فوق النقد؟


د عبدالخالق حسين
للمرة الثانية أضطر إلى الكتابة عن السيد حسن نصرالله، زعيم "حزب الله" الذي ابتلى به لبنان وشعب لبنان منذ السبعينات من القرن الماضي. فاسمه واسم حزبه مرتبطان باندلاع نيران الحرب الأهلية التي أحرقت لبنان بعد أن كان يسمى بسويسرا العرب. ففي المرة الأولى كان في شباط 2003، أي قبَيْل سقوط النظام البعثي الفاشي في العراق، عندما اختار هذا الرجل الوقوف إلى جانب الجلاد صدام، مدافعاً عن نظامه الآيل للسقوط، بدلاً من الدفاع عن الشعب العراقي وحقه في الحياة الكريمة. وكان عنوان المقال (نصر الله يقوم بدور عمر بن العاص). فحسن نصر الله وولي نعمته، علي خامنئي، يلهجون ليل نهار باسم علي بن أبي طالب، ويدَّعون أنهم من شيعته، ولكن في الحقيقة فهم يسيرون على نهج معاوية وعمر بن العاص. فقد دعا حسن نصر الله إلى حرق العراق استجابة لتعليمات ولي نعمته، مرشد جمهورية الملالي الإسلامية في إيران ونكاية بأمريكا.
أما اليوم فإن حسن نصر الله يدعو إلى إدخال وطنه، لبنان، ثانية إلى محرقة حرب أهلية لا يعلم أحد كيف تنتهي إلا الله. لماذا؟ لأن برنامجاً تلفزيونياً تهكمت عليه!! عجيب أمر هؤلاء.
عرفنا قبل أشهر، أقام الإسلاميون الدنيا ولم يقعدوها على أثر الرسوم الكاريكاتيرية التي نشرتها صحيفة دنماركية في سبتمبر من العام الماضي. ولكن حزب الله وأسياده في إيران وسوريا، لم يكتفوا آنذاك بالاحتجاج المتحضر، كمظاهرات هادئة وتقديم مذكرات احتجاجية، بل لجأوا إلى حرق سفارتي الدنيمارك والنرويج في دمشق ولبنان وطهران. كما وقامت أشقيائية حسن نصر الله في بيروت بالاعتداء على دور العبادة للمسيحيين اللبنانيين، تماماً كما قام فلول البعث وحلفاؤهم الإرهابيون من أتباع القاعدة وعملاء إيران وسوريا في العراق بالاعتداء على المسيحيين وكنائسهم. هذه هي شيمة المتأسلمين اليوم وتطبيقهم لتعاليم دينهم (لا تزر وازرة وزر أخرى).
والآن وبسبب برنامج تلفزيوني، بثته محطة تلفزيون (أل بي سي) اللبنانية، فيه نوع من التهكم على حسن نصر الله وليس على الرسول، معاذ الله، انقلبت الدنيا ثانية. إن هكذا نقد ساخر يتعرض له زعماء الدول الديمقراطية يومياً وعلى مدار الساعة، بل ويرمونهم بالطماطم والبيض الفاسد، ودون أن تحرك فيهم شعرة. هذا هو الفرق بين الزعماء الديمقراطيين الغربيين الناضجين، وزعماء عصابات البلطجية في دولنا العربية. فالزعماء الغربيون يثقون بأنفسهم وبشعوبهم التي اختارتهم للحكم عبر صناديق الاقتراع، فيعتبرون هذه الانتقادات التهكمية الساخرة ضدهم والتي يقدمها فنانون في برامج تلفزيونية فكاهية كوسيلة للترويح عن الضغوط النفسية لدى مشاهديهم، ودليل على روح التسامح التي يتمتع بها زعماء الغرب "الكفار". ولم نسمع يوماً أن زعيماً غربياً هدد بأخذ إجراءات قضائية ضد أي برنامج أو مصدر إعلامي تهكمي تعرض له، ناهيك عن خروج حزبه في مظاهرات صاخبة ضد أية جهة إعلامية. ربما كان هناك نوع من العذر في خروج الجماهير بمظاهرات ضد الرسوم الكاريكاتيرية الدنماركية لأنها كانت تسخر من الرسول.
ولكن هل وصل حسن نصر الله إلى مستوى رسول الله النبي محمد (ص) لكي تقوم المظاهرات الصاخبة وأعمال استفزازية ضد المسيحيين اللبنانيين والتهديد بإشعال حرب أهلية؟ وما ذنب المسيحيين ببرنامج تلفزيوني؟ أليس هذا دليل جبن وبطولات دونكيشوتية يبديها "مجاهدو" اليوم ضد الأبرياء؟ عجيب أمر هؤلاء الزعماء؟ البرنامج قدمته محطة تلفزيونية، فلماذا هذا التهديد ضد الآخرين الذين لا علاقة لهم بالموضوع، لا من قريب ولا من بعيد؟
في حقيقة الأمر، إن هذه العربدة التي أثارها حسن نصر الله وحزبه بسبب برنامج تلفزيوني، لدليل على الشعور بالنقص وعدم تحملهم لأي نقد. فاستغلال المناسبة لإثارة الغوغاء في لبنان ضد المسيحيين، ما هو إلا ذريعة واهية لإبراز عضلات البلطجية والاستقواء بإيران والتهديد بحرق لبنان. إن تهديد حزب الله للمسيحيين في لبنان بإشعال حرب أهلية لم يأت من لا شيء، بل هو عمل مكمل لما يجري في العراق وفي غزة والضفة الغربية. إنه متزامن مع الضغوط التي تفرضها أمريكا والوحدة الأوربية على إيران بسبب برنامجها النووي. فأصدرت إيران أوامرها إلى الأحزاب الإسلاموية، ومليشياتها في العراق ولبنان بإثارة المشاكل. فمحافظة البصرة كانت هادئة نسبياً منذ سقوط الفاشية وحتى وقت قريب. ولكن مع بروز الصراع حول امتلاك إيران للتكنولوجية النووية، بدأت المساعي المحمومة من قبل مرتزقة إيران المتمثلة بمليشيات (جيش المهدي) و(فيلق بدر) لتحويل البصرة إلى فلوجة ثانية وإمارة للطالبان الشيعة فيها.
والآن اختلق حزب حسن نصر الله مناسبة برنامج تلفزيوني ذريعة لإشعال حرب طائفية في لبنان ما هو إلا تكملة لهذه الفوضى التي تسعى إيران وسوريا إشعالها في دول المنطقة.
الحكومة اللبنانية مدعوة اليوم أن لا ترضخ لتهديدات بلطجية حسن نصرالله، ولا تذعن لمطالبهم، لأن أي استجابة لهم يعني تشجيع البلطجية لخلق المزيد من المشاكل. وعلى مسؤول محطة (أل بي سي) عدم تقديم أي اعتذار للسيد حسن نصر الله. فلبنان يجب أن يبقى معقلاً لحرية التعبير وإلا نقرأ على حرية الصحافة السلام.

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

نعم سماحة السيد حسن نصرالله فوق النقد لانه عالم دين ولانه والد شهيد سقط اثناءمقاومة اسراءيل وليس في حادث سير
ولانه امام المقاومة وسيدها ولولا حكمته لكان لبنان في خبر كان

غير معرف يقول...

Your site is on top of my favourites - Great work I like it.
»