الجمعة، يونيو 02، 2006

بشر فوق البشر



النهار اللبنانية
علي حماده

ما هو اخطر من اعمال الشغب التي عمت بعض المناطق اللبنانية يوم امس الاول احتجاجا على برنامج تلفزيوني ساخر هو التبيرات و "التبريكات" التي حصل عليها المشاغبون من قبل قادة "حزب الله" الذين شكروهم على "عواطفهم النبيلة" بعدما الهب هؤلاء طرقات بيروت و مناطق اخرى من لبنان، وصولا الى قطع طريق مطار بيروت ( مطار كل اللبنانيين و ليس مطار حزب الله) و اعمال التكسير والاعتداء على الناس و الممتلكات العامة و الخاصة في مناطق امتدت من الطريق الجديدة و مستديرة الكولا وصولا الى مداخل الاشرفية السوديكو، و محيط وسط بيروت.
ما هو اخطر من اي برنامج ساخر يفتقر الى الذوق السليم في احيان كثيرة ، هي هذه التغطية التي حظيت به الاعتداءات على الناس في مناطق ذات حساسية طائفية و مذهبية معينة لم تكن في الاصل على صلة بالامر.
فقادة "حزب الله" و في مقدمهم الامين العام السيد حسن نصر الله ا خاطبوا مناصريهم شاكرين اياهم على ما فعلوه ، و دعوهم الى العودة الى بيوتهم واعدين بمتابعة الموضوع بطرق اخرى. و كنا انتظرنا منهم موقفا يندد بالاعتداءات التي طالت الآمنين في احياء بيروت بشقيها المسلم و المسيحي على حد سواء . كما كنا ننتظر لو لمرة واحدة من "حزب الله" بدءا بالسيد نصر الله ان يندد بالشعارات الشتائمية التي "عزت" قلب بيروت و كانت مهينة كبار القوم من الشهداء و القادة الاستقلاليين متوعدة مهددة. لكن "حزب الله" الذي نزل نواب منه و قيادات وسيطة في الاحياء لتأليب الناس و حثهم على غزو الطرقات و الاحياء الآمنة لم يرف له جفن لا بل انه منح المشاغبين براءة و شهادات بالوطنية.
هذا امر غاية في الخطورة ، ان يصبح الآمنون عرضة للانتقام نيابة عن وسيلة اعلامية او فنان . و الخطورة ايضا تكمن في هذه المقاربة التعسفية في حق الاعلام . بمعنى ان من لا يعجبنا اعلاميا اما ان نسكته اوان ننتقم منه بتخريب بيوت الناس . فهل هذا هو لبنان التوافق الذي يعدنا به "حزب الله" ؟ و لا نعفي هنا المجلس الوطني للاعلام الذي سار في ركب التحريض و لم يسال نفسه عما سيفعله ان اقدم كل زعيم او كل حزب في لبنان بالرد على الاعلام بالتخريب و الشغب و الاعتداء على الناس؟هل سيرد ان موقفه مستمد من موقف الشارع؟
بالطبع لن نعدد المناسبات المعيبة شعبيا و اعلاميا التي شارك فيها حزب الله وجمهوره بدءا من تظاهرات شكر قتلة رفيق الحريري المتنقلة و اشهرها تظاهرة النبطية في آذار التي رسموا فيها قادة كبار بأشنع الطرق و من هؤلاء امثال جبران تويني من استشهد و لم يرف لحزب الله جفن. و هل نذكر الحزب الذي يأخذ على بعض نواب 14 آذار انهم كانوا حاضرين حفلا لتكريم جون بولتون ان "الفضل سبق" بإهدائهم رستم غزالة بندقية المقاومة ؟ و هل نذكرهم بحفلات التخريب بعض مبارايات كرة القدم في محيط الملعب البلدي ؟ هل نذكر بعشرات المواقف التي كانت في كل مرة تصيب من قلوب ملايين اللبنانيين في الداخل و الخارج مقتلا باصطفافهم بجانب آلة القتل و الاغتيال و التهديد بقطع الرؤوس و سحب الارواح الى هنالك من تعبيرات مخيفة ؟ هل نذكر حزب الله الثائرة جماهيره "عفويا" على اسكتش لا قيمة له بالمسار الذي يأخذ عليه الوطن؟
ثم...ثم هناك شيء من السوريالية في هذه الطبقية المروعة التي يمارسها الحزب على بقية اللبنانيين. و همو بذلك يرفض المساواة منصبا نفسه و جماعاته فوق البشر و الشعب اللبناني . فهناك اولا وقبل شيء آخر سلاح فئوي ، و سلوكيات منافية لمنطق الدولة و لوحدة اللبنانية و مساواتهم امام القانون. و هنا نسال : بأي حق إلهي يكون هناك من هم فوق البشر؟ و بأي حق اله
يكون هناك شعب متنوع رهينة فئة تشعره في كل لحظة كما حصل ليلة الخميس الجمعة بأنه مهدد ؟و المؤسف حقا،ان سلوك "حزب الله" و "تبريكاته" للمشاغبين هذه المرة و في كل مرة ، يمثل في ما يمثل دعوة مفتوحة ل"الزرقاوية" بأشكالها كافة و هذه نكبة حقيقية. و هنا نذكر السيد حسن نصر الله بما قاله القائد العظيم ابوعمار للاسرائيليين خلال مفاوضات السلام في التسعينات : قال لهم :"افضل لكم ان تتفاوضوا معي وتقدموا تنازلات حقيقية و صادقة ، لانه في المرة القادمة سيكون جالسا مكاني في مواجهتكم على الطاولة الشيخ احمد ياسين! اي ان التطرف و الجنوح سيستدعي التطرف و الجنوح . فهل يعي "حزب الله" انه بهذا السلوك انما يحجز مكانا لاكثر من "زرقاوي" في اكثر من طائفة و فئة حول الطاولة اللبنانية؟
قليل من التواضع.

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

انه حزب ايراني

غير معرف يقول...

I'm impressed with your site, very nice graphics!
»