الجمعة، مارس 31، 2006

صفحة د. إياد قحوش





لقراءة جميع مقالات الدكتور إياد قحوش انقروا على اسمه الموجود في أسفل الصفحة:

* صفحة الدكتور إياد قحوش القديمة

* بريده الإلكتروني

ekahwash@yahoo.com

* نبذة عن حياته:

من مواليد مرمريتا -وادي النصارى -حمص -سوريا
تعلمت في مدارسها الابتدائية والثانوية
درست الطب البشري في جامعة حلب وبعد الخدمة الالزامية التحقت بأفراد عائلتي وسافرت الى الولايات المتحدة حيث عدلت شهادة الطب وتابعت التحصيل العلمي العالي في مجال علم المخبر في مستشفى جامعة أوهايو في كولمبس أوهايو ,
ثم تخصصت في نقل الدم في مستشفى جامعة لويفيل قي لويفيل كنتاكي .
أعمل حاليا كرئيس لمخبر أمراض الدم وكمدير لبنك الدم في مستشفى الملكة اليزابيت في شارلت تاون في جزيرة الأمير ادوارد في كندا .
متأهل من كندية من أصل عربي ولنا طفلان .
شاركت في مؤتمرات طبية عدة في أمريكا وكندا ولي عدة مقالات في اختصاصي منشورة في مجلات طبية أمريكية وأوروبية .
ورثت حب الأدب والشعر عن جدي لأبي وعن أبي اذ كان الأول يسلينا بقصص عنترة والزير في ليالي الشتاء الطوال وكان قد حفظ عن ظهر قلب آلاف الأبيات ,
كما قام والدي بزرع حب العلم في ولاسيما الشعر منذ نعومة أظافري .
شاركت بعدة مهرجانات شعرية في بلدتي مرمريتا وأيضا على مدرجات جامعة حلب
أسست وصديقي الشاعر طلال عين الشايبة أول جوقة رسمية للزجل في مرمريتا سنة 1989 وأقمنا بعض الحفلات المسجلة كتبت أول أغنية عن كرنفال مرمريتا عام 1990
كان لي شرف مشاركة الأب رزق الله سمعان (حريصا) في كتابة تراتيل شريطين روحيين والانشاد كان لفرقة الوادي مع مرافقة مطربين لامعين.

أعشق الشعر الشعبي العامي وأدعي كتابته كما أكتب مقالات قصيرة أنشرها في مواقع الكترونية مميزة ومجلات أدبية عربية .

لي الشرف أن أكون ضمن أسرة مجلة ليلى المفيدة والمنوعة . لأشارك أخي الحبيب الشاعر شربل بعيني التغريد في حديقته الغناء ولأقف مع أخواتي وأخوتي كتاب هذا الموقع في فضاء معبد الكلمة والحب.

الخميس، مارس 30، 2006

كذبة أول نيسان ....مشاهد مضحكة وأخرى بائسة


المسائية
سيريا نيوز
ذهبت أغلبية آراء الباحثين على أن (كذبة نيسان) تقليد أوروبي قائم على المزاح يقوم فيه بعض الناس في اليوم الأول من نيسان بإطلاق الإشاعات أو الأكاذيب ويطلق على من يصدق هذه الإشاعات أو الأكاذيب اسم (ضحية كذبة نيسان).
وبدأت هذه العادة في فرنسا بعد تبني التقويم المعدل الذي وضعه شارل التاسع عام 1564 وكانت فرنسا أول دولة تعمل بهذا التقويم وحتى ذلك التاريخ كان الاحتفال بعيد رأس السنة يبدأ في 21 آذار وينتهي في الأول من نيسان بعد أن يتبادل الناس هدايا عيد رأس السنة الجديدة.‏
وعندما تحول عيد رأس السنة إلى الأول من نيسان ظل بعض الناس يحتفلون به في الأول من نيسان كالعادة ومن ثم أطلق عليهم ضحايا نيسان وأصبحت عادة المزاح مع الأصدقاء وذوي القربى في ذلك اليوم رائجة في فرنسا ومنها انتشرت إلى البلدان الأخرى وانتشرت على نطاق واسع في انكلترا بحلول القرن السابع عشر الميلادي ويطلق على الضحية في فرنسا اسم السمكة وفي اسكتلندا نكتة نيسان.‏
ويرى آخرون أن هناك علاقة قوية بين الكذب في أول نيسان وبين عيد (هولي) المعروف في الهند والذي يحتفل به الهندوس في 31 آذار من كل عام, وفيه يقوم بعض البسطاء بمهام كاذبة لمجرد اللهو والدعابة, ولا يكشف عن حقيقة أكاذيبهم هذه إلا مساء اليوم الأول من نيسان.‏
وهناك جانب آخر من الباحثين في أصل الكذب يرون أن نشأته تعود إلى القرون الوسطى إذ إن شهر نيسان في هذه الفترة كان وقت الشفاعة للمجانين وضعاف العقول فيطلق سراحهم في أول الشهر ويصلي العقلاء من أجلهم وفي ذلك الحين نشأ العيد المعروف باسم عيد جميع المجانين.‏
والواقع أن كل هذه الأقوال لم تكتسب الدليل الأكيد لإثبات صحتها وسواء كانت صحيحة أم غير صحيحة فإن المؤكد أن قاعدة الكذب كانت ولا تزال أول نيسان, ويعلق البعض على هذا بالقول إن شهر نيسان يقع في فصل الربيع ومع الربيع يحلو للناس المداعبة والمرح.‏
وقد أصبح أول نيسان هو اليوم المباح فيه الكذب لدى جميع شعوب العالم فيما عدا الشعبين الإسباني والألماني والسبب أن هذا اليوم مقدس في إسبانيا دينياً أما في ألمانيا فهو يوافق يوم ميلاد (بسمارك) الزعيم الألماني المعروف.‏
والطريف في كذبة نيسان أنها تساوي بين العظماء والصعاليك, وبين الأغنياء والفقراء, فقد حدث أن كان كارول ملك رومانيا يزور أحد متاحف عاصمة بلاده في أول نيسان فسبقه رسام مشهور ورسم على أرضية إحدى قاعات المتحف ورقة مالية أثرية من فئة كبيرة, فلما رآها أمر أحد حراسه بالتقاطها فانحنى الحارس على الأرض يحاول التقاط الورقة ولكن عبثاً.‏
وفي رومانيا أيضاً وشعبها شغوف جداً بأكاذيب أول نيسان حدث أن نشرت إحدى الصحف خبراً جاء فيه أن سقف إحدى محطات السكك الحديدية في العاصمة هوى على مئات من المسافرين قتل عشرات وأصاب المئات بإصابات خطرة, وقد سبب هذا الخبر المفزع الذي لم تتحر الصحيفة قبل نشره هرجاً وذعراً شديدين وطالب المسؤولين بمحاكمة رئيس تحرير الصحيفة الذي تدارك الموقف بسرعة وذكاء فأصدر ملحقاً كذب فيه الخبر وقال في تكذيبه كان يجب على المسؤولين قبل أن يطالبوا بمحاكمتي أن يدققوا في قراءة صدور العدد الذي نشر فيه هذا الخبر فقد كان في الأول من نيسان, ومن يومها دأبت الجريدة على نشر خبر مماثل في الأول من نيسان من كل عام.‏
إلى جانب المواقف المضحكة هناك مآس باكية حدثت بسبب كذبة نيسان, فقد حدث أن اشتعلت النيران في مطبخ إحدى السيدات الانكليزيات في مدينة لندن فخرجت إلى شرفة المنزل تطلب النجدة ولم يحضر لنجدة السيدة المسكينة أحد.‏
أخيراً أقول:‏
إن الكذب بصفة عامة هو سمة المستضعفين والإنسان غالباً ما يلجأ إلى الكذب لإحساسه بالضعف من حالة من المعاناة والاضطهاد وللهروب من واقع أليم يعيشه, كفانا الله شر الكذب وشر كذبة نيسان

الفلسطينيون والمدنية



بقلم د. أحمد البغدادي


ياسين الحاج صالح، كاتب فلسطيني، على ما يبدو، كتب في الحياة مقالا هادفا عن تواجد السلاح في الشارع الفلسطيني في »الحياة« ( 26/3/2006)، انتقد فيه وبشدة مسألة السلاح الفلسطيني في الحياة المدنية، وتأثيرها السلبي على مجمل أوجه الحياة في الضفة والقطاع، من دون أن يهتم أحد بهذه القضية الحساسة التي أعطت العالم صورة المجتمع الفلسطيني الفوضوي الذي لا يستطيع العيش كمجتمع مدني، حيث أصبحت الكلمة النهائية في هذا المجتمع الفوضوي لصاحب السلاح. يقول ياسين الحاج ما نصه »لدى كاتب هذه السطور شعور بأن السلاح المستعرض - يقصد في الشوارع والاحتفالات - بهذه الطريقة يخدم أكثر حاجة أفراد ومجموعات وفصائل لحيازة سلطة وأسبقية في المجتمع الفلسطيني وليس لمقاومة العدو، وأنه مرتبط بتدهور المقاومة، فاعلية وسياسة وفكراً وأخلاقاً، وليس بصعودها وكفاءتها وهو مرتبط بمنافسة مع سلاح آخر، وفصيل آخر، أكثر مما هو مرتبط بمقاومة فعالة لإسرائيل«، وفي مكان آخر من المقال يقول الكاتب »إن تجوال السلاح هذا مرتبط بثقافة تعلي من شأن العسكري على المدني، والسلطة على المجتمع، والمقاتل على المنتج، والحرب على الحب، والنضال على الحياة، !وهي ثقافة لا تحوز غير مناعة بالغة الضعف حيالها في فلسطين وفي غير
فلسطين«، ثم يستعرض الكاتب هذه الصورة المدمرة للحياة المدنية من خلال المثال التالي، ( وهل يشعر المرء بغير الخوف والتشاؤم حين يرش شاب في الثلاثين كلمات مهددة أمام كاميرات الأقنية الفضائية، بعيد فوز حماس في الانتخابات التشريعية، نحن لا نسمح ب¯: كماً يرش الرصاص من بندقيته? أليس في هذا انحطاط للسياسة؟ من أنت، ياسيدي، لتسمح أو لا تسمح، من فوضك? يصادف دوما أن »لا نسمح... موجهة عمليا ضد رأي أو طرف فلسطيني آخر«. هذا ما كتبه شاهد يشوف كل حاجة في الشارع الفلسطيني يومياً، هل يريدوننا أن نصدق أن فوز حماس ووصولها لحكم الفلسطينيين، هو في صالح الفلسطينيين؟ وهل من لوم على الغرب وأميركا في توقفهما عن مساعدة الفلسطينيين ماليا وهو يرى في حماس حركة مسلحة لا يمكنها أن تقيم مجتمعا مدنيا، بشهادة كاتب فلسطيني؟إن انتشار السلاح في الشارع الفلسطيني دليل واضح على غياب الحس المدني في الشارع الفلسطيني وهو عين ما صنعه الديكتاتور صدام حسين البائد في الشعب العراقي، حين أرغمه على حمل السلاح داخل المدينة، لا ليخلق المجتمع المقاتل النظامي كما تفعل إسرائيل القادرة على تحويل قطاع كبير من أفراد الشعب الى عسكريين محترفين، بل ليتيح الفرصة لكل مواطن لإيذاء من يعادي من أبناء وطنه لأسباب تافهة تتعلق بالحزب والجماعة والحاكم، وهذا ما يحدث في القطاع والضفة، خاصة في غزة حيث تهيمن حركة حماس، وحيث غابت السلطة الفلسطسينية منذ ايام البطل الشهيد (كذا!!) ياسر عرفات، واللوم يقع على حماس بالدرجة الأولى، لأنها سمحت بانتشار لغة السلاح في الشارع الفلسطيني، واستخدامه لإرهاب الآخرين المعارضين لها، وسواء كان قادة حماس ضد هذا التوجه أم لا، إلا أنهم يتحملون مسؤولية المنحرفين منهم، كما هو حاصل بالنسبة للشاب الفلسطيني المنتمي لحركة حماس الذي استعرض قوة الرصاص أمام كاميرات القنوات الفضائية.
السلاح الذي نشرته حماس في الضفة والقطاع، والذي لا يعلم سوى الله كيف حصلت على ثمنه، لانعدام الشفافية المالية، لكن الذي لا شك فيه أن هذه الأموال إما أنها من صدام حسين الذي كان يمول الهجمات الانتحارية (وقد رأيت شخصيًا سيدة فلسطينية تقر علنا في برنامج »على الهوا« بقبضها مبلغ عشرة آلاف دولار بعد قيام ابنها بعملية انتحارية في اسرائيل)، واذا لم يكن التمويل من صدام حسين، فلا يبقى سوى أحد احتمالين، الأموال الخليجية المخصصة بزعم الأنظمة الخليجية للأسر الفلسطينية المحتاجة، أو أموال جماعة الإخوان المسلمين التي يتم تجميعها من الصدقات والزكوات، بمعنى آخر أن أميركا صادقة في ادعاءها بالربط بين هذه الأموال والإرهاب، ومطلوب من حماس أن تكشف بشفاقية عن مصادر تمويل السلاح لدى أعوانها .لكن في جميع الأحوال، المجتمع الفلسطيني أبعد ما يكون -في ظل حكم حماس - عن الحكم المدني اللازم لبناء الدولة القادمة، والتي لا يؤمل قيامها مع تعنت قادة حماس فيما يتصل بالاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف ضدها، وهو من مستلزمات القبول الدولي، ليس فقط فيما يخص أميركا وأوروبا، بل والأمم المتحدة أيضا، ناهيك بحقيقة عجز حماس في هذه المرحلة عن ضبط الشارع الفلسطيني المسلح بشكل عشوائي، خاصة في غزة .في حين أن الحياة المدنية تستلزم إلغاء الوجود العسكري القائم في الساحة الفلسطينية، والذي ساهمت حماس في صنعه . وبالطبع لن يثق العالم بحكومة تتخذ من العنف سبيلا وسياسة لمعالجة الأمور، وسيكون من الغباء لو صدقت حماس وعود الأنظمة العربية، خاصة الخليجية بالدعم المالي، لأن هذه الوعود مرهونة بالموافقة الأميركية، بل والدولية أيضا.
بذلك يكون الفلسطينيون أبعد ما يكون عن المجتمع المدني المطلوب تحققه في الدولة القادمة، والتي سيساهم عناد قادة حماس في تأخر قيامها . واذا كانت حماس بحاجة اليوم فقط الى مئة وثلاثين مليون دولار لترتيب أوضاع مؤسسات السلطة الفلسطينية، ومع ذلك لم تتمكن، برغم كل الجولات من توفيرها، فلن يعجب العاقل لو عاد الوضع الفلسطيني الى الوراء خطوات وخطوات بسبب وصول حماس الى السلطة وإصرارها على التمسك بأسلوب العنف كوسيلة للعمل. السؤال: هل سيكون وصول حماس للسلطة السبب في تأخر قيام الدولة الفلسطينية؟

*كاتب وأكاديمي كويتي

الأربعاء، مارس 29، 2006

دور نشر عربية تتهرب من "القِران المقدّس"


الموسوي يؤكد أن مؤلفتها روائية سعودية تقيم في أمريكا وتكتب باسم مستعار

الرياض: هاني الظاهري
تهربت عدة دور نشر عربية من مسوؤلية نشر رواية يعتقد أنها سعودية ولكنها غير معروفة المؤلف/ المؤلفة، وذلك بعد أن بدأ الجدل يدور حول الهدف من تأليفها خصوصا وأنها صنفت على أنها عمل مليء بالجنس والإساءة لإحدى الطوائف الإسلامية. حيث رمت كل دار بالمسؤولية على أخرى بدءاً من مصر ومرورا بلبنان وربما ليس انتهاء بالبحرين.
والرواية المثيرة للجدل أخذت عنوان "القِران المقدّس" وكتب على غلافها اسم مستعار (مؤلف/ مؤلفة) هو "طيف الحلاج"، ويحمل شعار دار نشر مصرية تسمى "دار ليلى" في حين تباع عن طريق الإنترنت عن طريق شركة "النيل والفرات" وشركة توزيع أخرى تحت اسم "أدب وفن" وبداري نشر مختلفتين إحداهما "دار الحرف العربي" في بيروت والأخرى غير معروفة حيث يرمز لها عادة بـ (N/A).
ففي مصر نفى صاحب ومدير دار ليلى للنشر محمد سامي أن تكون الرواية من إصدارات داره على الرغم من أن غلاف الرواية يحمل شعارها. وقال في حديثه لـ "الوطن" "إن استخدام المؤلفة للشعار القديم لدار ليلى للنشر على غلاف روايتها ما هو إلا عملية تزوير واضحة ويبدو أن هذا السبب الذي جعل من المؤلفة تتخذ اسماً مستعاراً لنشر روايتها كما علمنا، ومن المؤكد أننا سنقاضيها خلال الأيام القادمة في حال عثرنا عليها أو على من يمثلها).
و أكد سامي أن هذه الرواية تباع عن طريق شركات متخصصة ببيع الكتب من خلال شبكة الإنترنت كشركة (النيل والفرات), وأنها لا تحمل تسجيل الترقيم الدولي لأي دار نشر، كما أنها رواية جنسية مخجلة لا يمكن أن تكون من إصدارات دار نشر محترمة ـ كما قال ـ. وأضاف " دار ليلى للنشر أشارت من خلال موقعها الإلكتروني إلى عدم صحة الادعاء بأن الرواية من إصدارات الدار".
من جهته نفى صاحب " دار الحرف العربي " إسماعيل الأمين في رده على اتصال "الوطن " بهذا الشأن صدور هذه الرواية عن طريق الدار التي يملكها، وأكد أن دوره يقتصر على التوزيع فقط، وليس لديه أية معلومات عن "دار ليلى" للنشر أو مؤلفة الرواية، وعند سؤالنا له عن كيفية وصول الرواية إليه لتوزيعها عن طريق الإنترنت قال: ( نحن حصلنا على نسخ من هذه الرواية عن طريق "دار فراديس للنشر" في دولة البحرين وليس لدينا أي معلومات أخرى).
ولكن مالك "دار فراديس للنشر" في البحرين موسى الموسوي, نفى هو الآخر في اتصال "الوطن" به أن تكون الرواية من منشوراته، وعندما أخبرناه بأننا علمنا من (دار الحرف) أنه هو من زودها بنسخ الرواية لم ينف ذلك، بل أكد أن دوره يقتصر على توزيع الرواية فقط، أما الناشر فهو دار ليلى للنشر التي لا يملك لها عنواناً سوى (البريد الإلكتروني) الخاص بها كما يقول.
وحول معلوماته عن مؤلف الرواية قال: "مؤلفة الرواية فتاة سعودية تقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، و(طيف الحلاج) اسم مستعار اتخذته برغبتها لنشر الرواية، ولا يمكنني تزويدكم بأي معلومات إضافية حول هذا الموضوع".
ويظهر لنا جلياً من خلال رحلة التقصي التي لا تقل إثارة عن الرواية نفسها أن هناك جهة مجهولة تقف وراء هذا العمل.
يذكر أن رواية (القِران المقدس) لاقت رواجاً كبيراً خلال الشهرين الماضيين وكتب عنها بعض النقاد العرب، وأثارت الكثير من علامات الاستفهام حول الأحداث المثيرة التي تضمنتها من جهة واسم مؤلفتها من جهة أخرى.
من جهة أخرى حاولت "الوطن" الوصول لمؤلفة الرواية لأخذ رأيها في ما اتهمت به من قبل دار النشر إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل حيث لا يوجد في الوسط الثقافي السعودي من يعرف المؤلفة رغم الضجة الكبيرة التي حظيت بها الرواية
.
شفاف الشرق الأوسط

الثلاثاء، مارس 28، 2006

النشيد الوطني من يحفظه ؟!



منذ النفس الاول الذي نتنشقه، نشتم روائح الاختلاف والشقاق، وكل منا يكبر وهو يبحث عن وطن ينتمي اليه، او حتى أتفه من ذلك، نبحث عن وطن يعطينا الاوامر لنعرف ماذا نعمل وماذا نقول... فنحن لا وطن لنا، وان كان لنا وطن فهو ضائع في اوطان اخرى. ولم نستطع يوما الوقوف والقول نحن لبنانيون، ونحن فخورون بأننا لبنانيون..
نعم... نحن نضيع في قوميات متعددة داخل الوطن الواحد، والاخطر هو عند من لا قومية لهم، وهم الاكثرية، فلا يتعدون الطائفية المسمومة اول الولاء الاعمى لإقطاعية عمياء.
وهذا الوطن، لبنان، كأنه اعطي لنا من دون ارادتنا، او كأنه غير موجود وصنع، او كأن التاريخ احرق الاوراق المتعلقة بنا.
اتمنى لو اكون قادرا على احصاء عدد الذين يجهلون النشيد الوطني اللبناني، وعدد الذين تسري في عروقهم كلماته وموسيقاه، اتمنى لو استطيع القيام بمقارنة بينهم لكني استطيع ان اؤكد لكم ان الفارق شاسع ومعيب.
هل لبنان وجد لنأكل وننهش منه ما نستطيع؟
هل لبنان وجد لنرمي به في سلة المهملات عندما تهب ريح غربية او شرقية؟..
استحلفكم بالله التوقف عن هدر مكوناته، وحرق ثقافته، وتزوير تاريخه.
استحلفكم بالله التوحد لحفظه... والا فاذهبوا الى حيث تحلمون، واتركوا لنا هذا الوطن طاهرا من الدنس.
الدكتور ساسين النبّوت
النهار

الأحد، مارس 26، 2006

الإعلامية عفاف عبد المحسن تحاور الصحفية والشاعرة نيفين الهونى


الصحفية والشاعرة والقاصة نيفين الهونى... روح امرأة تتدافع للنصر ..لعلو لا يهوى...

(نعم لازلت أعانى ولكني ارفض السكوت !!!ولا ارانى في حاجة إلى الاستشهاد لأثبت اننى وطنية حتى النخاع)
(هذه المرحلة بالنسبة لي مصيرية، وكينونتي حجر أساس في بناء المجتمع)
(نحن دائما في الوسط الاعلامى والثقافي مطالبون، وأبدا ليس لدينا اى حقوق..!)
(أنا مؤمنة بان النقد في ليبيا لا يصنع شاعرا عظيما ولا ينهى تجربة أيضا)
(الهمس سيظل في حياتي مشروع فلست أؤمن بوجود من يستحق)
(نحن في بنغازي أسرى قرارات الأمناء المزاجية والآنية)



حياتنا وكيف نرسمها، نحدد مساراتها، نبتكر لها ما يهيئها لإسعادنا أو هكذا نعتقد إننا نفعل، ويد قدرية حانية تارة، وقاسية تارة أخرى، تربت وتثقل وهكذا دواليك، وصديقتي رغم سني عمرها الشابة، داولتها الحياة وبذا صنعتها، تقوى عودها الغصن قبل أوانه، اخضر وأثمر، نضجت عمريا وخبراتيا ولازالت زهرة في أكمامها..لم تبخل بأريج الفوح، وعبق البوح على مهنة اختارتها منذ الطفولة، حكاية عميقة ورشيقة، قلم لا يعرف انحناءات وخروج عن السطر، حركة نشيطة تهىء للناظر انشط نحلة، لا تعترف إلا بعفا النوار مرتع لعسلها الجني،.نيفين الهونى التي كتب ردا على مقالتها الأولى عام 1992 بمجلة لا ذيل بالأخت الكاتبة وهى بعد في مرحلة التعليم الاساسى .ترى كيف سيرد عليها الان بعد تخرجها عن كلية الآداب بجامعة قاريونس قسم الإعلام شعبة صحافة وتدرجاتها العملية المهمة بين تحقيقات صحفية ومتابعات إخبارية، واستطلاعات رأى عام،.بل وقلم ادبى يتماوج بين قصة قصيرة وبراحها، وقصائد طويلة ومتوسطة وومضة
الشاعرة التي كتب عنها الأديب والشاعر جابر نور سلطان في تقديم ديوانها (أنثى لا تشبه إلا نفسها مسكونة بالنار، وبالأحكام العرفية، وبقوانين الطوارئ، لكنها دائماً تخترق حظر التجّول، وتخرج لسانها للعسس.. علانية تصخب ونهارية تضج ،هي التي لم يرها أحد " لم يصافها أحد ولا يمكن لأحد أن يدّعي معرفتها " إلا حين يقرأها هنا عبر هذه المساءات الثلاث)
نيفين الهونى تواصل عقد السجنجل بإعداد برامجي مميز للإذاعتين المسموعة والمرئية.
وبعنفوان الفتاة الليبية تشمخ بقدراتها بين زملائها وزميلاتها لتتوج ثقة الآخرين، فيها مع ثقتها بنفسها لتكون أمين النشاط برابطة الصحفيين والإعلاميين بشعبية بنغازي.
مساحة على وريقات قد لا تكفى كما لم اكتفى بحديث اذاعى معها التهمت الموضوعات به الوقت ولم نمل، وتفاعل معها المستمع فكيف بالقارىء، تلك هي الصحفية والشاعرة والقاصة نيفين عزالدين الهونى
.كيف صقلتك الحياة وهل بدأتها بدفع أسرى أم اكتسابات عملية ؟
قد لا تصدقين ولكني كنت احلم بأن أكون صحفية منذ كان عمري 9سنوات، اثر مشاهدتي لفيلم عربي قديم كانت بطلته صحفية، بعدها بعام بدأت اكتب قصص للأطفال على اعتبار اننى كبرت وأصبحت في الصف الرابع الابتدائي، وكنت اقرأها على اخوتى الصغار واصدقائى، حيث أن معلماتي ومعلمينى على مدى سنوات دراستي كانوا دوما يشجعوني، إلى جانب امى التي كانت تساندني دوما، أيضا كنت مشتركة في كل المناشط المدرسية، مثل جماعة الإذاعة وجماعة المكتبة، وكل المسابقات المدرسية الخاصة بكتابة القصة القصيرة .
في الصف الثالث اعدادى كتبت أول مقال بعثت به إلى مجلة لا كان بعنوان (أين القانون ) نشرت بتاريخ 1_8_ 1992 في الصفحة السادسة عشر على اثر تجربة شخصية مررت بها توقفت المجلة عن الإصدار في ذلك الوقت ثلاثة اشهر ثم صدرت بتاريخ 1_11_1992 وفى الصفحة 73 وجدت ردا على مقالتي يقولون فيه إلى الأخت الكاتبة نيفين الهونى لحظتها صممت على إكمال المشوار رغم صعوبة الأمر حيث أن والدي كان يعارض فكرة دخولي المجال الادبى والصحافة خصوصا رغم انه عمل بهذا المجال فترة السبعينات وبداية الثمانينات وتركه منذ ذاك الوقت، ربما كان يعلم بأنه مجال صعب ومتطلباته كثيرة

كيف كانت إطلالتك الأولى مع القصيدة ومن تزاحم معها عملك الصحفي_أم أعمالك القصصية ؟
اطلالتى الأولى كانت مع القصة حيث بدأت في فترة التعليم المتوسط بالمشاركة بالمسابقات الأدبية، و شاركت في عامي الأول في مسابقة النشاط لمرحلة التعليم المتوسط بقصة قصيرة وفزت على مستوى المؤتمر
أما في عامي الثاني فقد رأى معلم اللغة العربية إن موهبة أخرى، بدأت تنمو لدى وهى كتابة الشعر، فأصر على أن أشارك بقصيدة فصحى وطنية فازت على مستوى المؤتمر الترتيب الأول وعلى مستوى المدارس الترتيب الثالث، أما في عامي الثالث والأخير في المرحلة الثانوية فقد شاركت بقصيدة بالشعر العمودي بعنوان كلمات إلى مقتول من واقع تجربة ففازت على مستوى شعبية بنغازي بالترتيب الثاني عام(1995)
في المرحلة الجامعية توقفت سنواتى الثلاث الأولى عن المشاركة في اى نشاط ثقافي نظرا لتركيزي على الدراسة، ولكن كان الدكتور فيصل المقدادى يكتب عن موهبتي في الكتابة الشعرية والقصصية والنقد الادبى في صحيفة الجماهيرية في زاوية مقداديات ،ومن ثم تبناني وأقام قسم الأعلام أمسية شعرية عام ( 1999)وهذه كانت أول أمسية شعرية رسمية أشارك بها ويحضرها شعراء وأدباء وكتاب من شعبية بنغازي وقدمها في ذلك الوقت الشاعر صالح قاربوه.
بعد ذلك تزاحم عملي الصحفي الذي بدأته في صحيفة الزحف الأخضر منذ التخرج حتى أوائل عام (2002) مع هواياتي الأخرى والتي منها تعاوني مع الإذاعة المسموعة المحلية والجماهيرية كمقدمة برامج أطفال وبرامج ثقافية فوجدت انه على إما الانسحاب الكلى من الساحة أو الانسحاب الجزئي وهو النشر بأسم مستعار فكان النشر باسم مستعار أفضل رغم إن لدى نصوص شعرية وقصصية في صحيفتي الشمس والزحف الأخضر بأسمى.
بعد ذلك انتقلت للعمل في الهيأة العامة للصحافة تحديدا في صحيفة الشمس بقرار من د.عابدين الشريف الذي كان استاذى في الجامعة وظللت حتى بدايات عام 2004 انشر باسم مستعار لحماية عملي الصحفى من عملي الابداعى في أواخر عام 2004 عندما وجدت أن العمل الابداعى أعمق وأبقى ولا بأس إن تزاحم مع عملي الصحفي حيث اننى نسبيا ثبت أقدامى في الصحافة ، أعلنت عن نفسي وبدأت اكتب بأسمى من جديد وشاركت في مهرجانات لذا تجدين بعض الناس تعتقد اننى بدأت كتابة الشعر في( 2004)


كيف تعيشين أوجاع الولادة الإبداعية ؟وهل تتساوى عندك حالة الإرهاصات تلك في ألوانك الثلاثة (صحافة _شعر_قصة )ايهما تشعرين أنها أقوى مخاضا؟أو روعة اوسرعة انبثاق؟


لكل مجال طبيعته و وظيفته فكل شئ اكتبه وفق خطة أو غاية محددة ،عدا الشعر حيث لا يخضع لاى موعد مسبق، ولا يمكن وضعه ضمن خطة، فهو لا يستأذنك عندما يحين.. وأحيانا أبقى شهورا لا اكتب نصا..
أما الكتابة الصحفية فهي وليدة المهمة أو التكليف ،بمعنى المهنة أو الوظيفة.
أم عن أقواها مخاضا فاننى لا أحب الولادات المتعسرة لذا أكثر الولادات روعة وسرعة انبثاق هو الشعر لأنه حدث عفوي سريع،و إن لم يخرج هكذا ببساطة فانه لن يخرج أبدا.
الشعر شيء في نفسي يريد أن يعلن عن نفسه،و لا يزال مثلما اتانى أول مرة يراودني فأعانقه، أحيانا أكون نائمة فأصحو قلقة، لأعلم انه الشعر جاء ليلا ليدق بابي و يقض مضجعي، فاستقبله بلهفة حبيب لحبيبه،و بشوق أم لرؤية وليدها الصغير.

لماذا همس المساءات الثلاث ؟الم تشعرين همسا يداعب حياتك طفلة ومراهقة وشابة إلا عبر تجربة المساءات اللغز؟
حين أتيت

كان قد حل المساء
ساد السكون
وانطفأت
قناديل النظر

حين أتيت

كانت بلابلي
رحلت
ويئِس الانتظار
فطوى
دفاتره

حين أتيت

سجدت مدن الجنوب
عند قدميك
ورفضت أمنياتي
السفر

حين أتيت

كنت قد تمنيت
رفيقاً لدرب طواه الخجل

وعندما رحلت

همست ...
كيف سترتضي
لأمسيات آخر
أن تجئ باكراً
دون أن أكون معك
فتأتي مطفأة النجوم
وكيف ستسمح للذكرى
بأن ترحل
لتنتاثر على التخوم ..

عندما رحلت
كنت أعلم منذ البداية
أنَّ هذى اللحظة ستنتهي
وضوء الذكرى يوماً سينطفي

وتساءلت
لماذا
يعبرني كل رائع في الحياة
ويمضي صامتاً
فأعود آخر المساء
خالية الوفاض
..

لأنهن ثلاث مساءات صامتة لازالت ذكراهن في حياتي أمل
الهمس في حياتي مشروع لقصيدة متى أتممتها انتهى دوره بالنسبة لي، واعتقد إن الهمس سيظل في حياتي مشروع فلست أؤمن بوجود من يستحق...!



متى شعرت نيفين أنها تريد التوقف ؟وهل كان هذا الشعور بسبب انتقادات وجهت لقلمها ولونها الابداعى.أم أنها رغبت في استراحة محارب ؟

شعرت باننى في حاجة للتوقف عندما زاحمتني الكثرة، وارهقنى العمل، حيث إننا في واقع يتطلب منا، مراقبة الأساليب الجديدة، ومواكبة التطور الحضاري، والتفاعل مع ما هو مطروح، لبناء صرح اعلامى ثقافي انسانى،.ولكني تراجعت عندما اقتنعت باننى لولا هذه الكثرة في حياتي، لكنت الآن إما مطوية في قوائم الموظفين، الذين ينتظرون مكافآتهم الشهرية، وان لم يؤدوا عملا.
أو ضمن من حولوا الوظيفة إلى موقع فخري يتباهون به ويتبجحون بألقابه فيها بدون استحقاق. لذا كانت استراحةالمحارب .
أما الانتقادات فقد تعودت أن تكون حياتي منتقدة من غالبية الناس، ولكن هذه المرحلة بالنسبة لي مصيرية، وكينونتي حجر أساس في بناء المجتمع، قد يعتبره البعض غرورا ولكنها الحقيقة.


المشاركات الداخلية اوالخارجية ماذا تمثل بالنسبة للمبدع من وجهة نظرك ؟وما نصيبك منها ؟

المشاركات الداخلية والخارجية تمثل دفعة للامام فهي حافز للإبداع الحقيقي....
أما نصيبي منهاإذا كنت تقصدين المشاركات الخارجية بمعنى الدولية التي ترشحك لها الدولة (فلا تعليق حتى لا يقال عنى( مشكلجية)علاقاتي محدودة واصدقائى في الدولة ليس بينهم مسئولين أما المهرجانات الداخلية للشعبيات والمهرجانات الأهلية للجمعيات والمدن الصغيرة فأول مهرجان رسمي شاركت به كشاعرة كان مهرجان زلة عام 2004 وكانت مشاركة خجولة لا اعتقد أنها تركت أثرا، بعد ذلك أقامت لي رابطة الأدباء والكتاب بشعبية بنغازي بمقر المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر أمسيتي الشعرية الأولى بعنوان( ما يخرج من القلب يجب أن يصل إلى القلب)
وشاركت أيضا في مهرجان زلطن 2005 وقد دعيت للمشاركة في مهرجان عنابة للشعر العربي بالجزائر ولكن بسبب اخبارى بأنه لا مكان لمبيت الفتيات لم أتمكن من المشاركة وهذه الدعوة كانت بشكل شخصي عن طريق صديق ولا علاقة لاى جهة رسمية بها.
حاليا انشر في اغلب المواقع العربية الالكترونية لذا توجه إلى الكثير من الدعوات للحضور والمشاركة في أمسيات تقيمها جمعيات أهلية أو خاصةاو حتى عامة ولكن القضية هنا أن الحضور يكون على حسابك الشخصي وهذا شئ مكلف...
فاغلب الدعوات التي توجه لشعرائنا لا علاقة للمؤسسات الثقافية في ليبيا بها، بل تكون عن طريق العلاقات الشخصية، أو بترشيح الجهة الداعية لك، وبالتالي رغم أن المشاركين بها يمثلون ليبيا في المشاركة ،إلا أنهم لا يتحصلون على اى دعم من المؤسسات الإعلامية والثقافية ، ويذهبون ليشاركوا ويعودون على حسابهم الشخصي ،وهذه أزمة ليست خافية على احد، ولكن الكل اتفق على تجاهلها ،لان المؤسسات الثقافية لا تعير انتباها عن عمد لهذا الأمر.. نحن دائما في الوسط الاعلامى والثقافي مطالبون، وأبدا ليس لدينا اى حقوق..أيضا هناك قضية أخرى نعانى منها وهى انه أحيانا عندما تأتيك دعوة خاصة للمشاركة في محفل ما لا يسمح لك العمل بالمشاركة فيه. سواء كانت المشاركة عن طريق اعتبارها مهمة عمل ،أو حتى الموافقة على أخذك إجازة، وبالتالي تجدين نفسك مكبلة، محاصرة، ومخنوقة .

هل معنى هذا انك لست حرة؟ وايهما تمارسين حريتك فيها أكثر الصحافة أم المجال الابداعى ؟

إننا نتوهم أنفسنا أحرارا في كتاباتنا الإبداعية، فالحرية التي سخرنا لها صحفنا وكتبنا وأقلامنا، هي أصداء وظلال، استذكرناها شعرا وحبكناها قصة، وعالجناها كتبا ودراسة، ويظل هناك الوجه الآخر من القضية هو الالتزام بقوانين المجتمع والشرائع الإلهية، بحيث يصبح التقيد بها داخلي بمعنى الذاتية النابعة من المبدع، فالمبدع لا يحتمل القيود الخارجية، وتظل هذه القيود هي الابقى،لأننا نؤمن بها، ولا نستطيع الحياد عنها، مهما ادعينا وطالبنا بالحرية .
أما في مجال الصحافة، فقد كان لدى في مخزون من الأحاسيس والمشاعر والاندفاع وراء العواطف، بالطبع هذا المخزون لم ينضب بعد لكنه في فترة سابقة كان أكثر تألقا وتأججا، فقد كان لدى اندفاع نحو مساعدة المواطن ،اليوم اجدنى قد أصبت ربما بالبرود، ربما بتبلد المشاعر، لم تعد معاناة المواطن تثيرني نحو المساعدة، رغم أنها تؤلمني .
ولكني لااستطيع فعل شيء حيالها- حتى الكتابة- رغم أننا لسنا ممنوعين من الكتابة، ربما نحن نمنع أنفسنا ونقمع رغباتنا عن الاجتياح، لأننا تعلمنا النفاق وتعودنا لبس الأقنعة..


القصيدة !تلك العالم السحري الذي اختلج في روحك وكتبتها دون إذن منك ؟بدأت أيضا أو هكذا كانت ربما وخلال الأعوام الأخيرة توثقت رؤيا نظمها بصيغ مختلفة بين خروج عن المفضي إلى فضاء التفعيلة ثم مساحات ومدارات الومضة والنثر ؟فأين قصيدتك ؟


قصيدتي هنا في قلبي
اننى أجد نفسي في كل ما اكتب، لاننى لا اكتب إلا ما اشعر به، والكتابة الشعرية إحساس بالدرجة الأولى وهذا كما قلت لك سابقا كان شعار امسيتى الأولى في مدينة بنغازي، حيث كانت الأمسية تحت شعار:(ما يخرج من القلب يجب أن يصل إلى القلب) ولكني يجب أن اعترف باننى كتبت نصوص الومضة، لأثبت للآخرين باننى أستطيع كتابة نص مكثف على شكل ومضة ،وخصوصا بعض النقاد الذين قالوا بان من لا يستطيع كتابة الومضة ليس بشاعر.

على ذكر النقاد هل يمثل لك النقد قراءة أخرى لنصوصك أم قراءة مخالفة لها ؟

(لا )النقد ليس قراءة أخرى لنصوصي ، فليس كل ما يقوله النقاد حقيقي، وهذه مسألة مألوفة، فبعض النقاد أدعياء يكتبون النقد لتحويل الأنظار عما هم فيه، أو لستر النقص الذي يعانون منه، وكم أتمنى لو توافق القول مع الفعل في كل ما يصدر عنهم.. فإحدى أهم الإشكاليات النقدية في الوطن العربي وفى ليبيا تحديدا تتمحور حول إيجاد معايير محددة لتقييم عمل ادبى ما، إلى جانب ما نلاحظه في المشهد الثقافي الآن من أخلاق زائفة، لنقاد وهميون، بمعنى أنهم يطلقون على أنفسهم ألقاب، ويقولون ما لا يفعلون، ويصدرون الأحكام ويقفزون إلى النتائج ،دون دراسة ودون محاسبة لأنفسهم، فأحيانا تجدهم يرتكبون ذات الأخطاء، بمعنى إننا نعانى مؤخرا من مزاجية النقد ونرجسية النقاد.
ولكن ليس معنى هذا أن الأمر مطلق، فهناك نقد بناء، يسهم في إثراء الساحة الأدبية، وهذا بالتالي يسهم في اغناء المشهد الثقافي، ولكن يجب أن لا ينسى الجميع، إن ميدان النقد الادبى شهد ويشهد بروز أسماء غريبة، لا تمت لساحة النقد بأية صلة، ولست هنا بصدد ذكر أسماء، ولكن هؤلاء النقاد لا يمكن حتى اعتبارهم قارئ متابع ،أو المعلق السريع في أحسن الأحوال.
وهذه الأسماء أساءت إلى الحركة النقدية كثيرا، وأثارت ولا زالت المشاكل من فوضى وادعاءات، بل أستطيع القول إن بعض هذه الأقلام، تكاد تزاول دور البلطجي الادبى، فهذا يشتم كل اسم يعرض عليه بطريقة الحذلقة، وذاك بالتركيب البلاغي والمصطلح الفلسفي، فتضيع الفلسفة في الأدب، ويسخر من الأدب والفلسفة في آن واحد.
وآخر يستشهد في كتاباته ونقده بكلمات وجمل لآخرين، ويكتب في كل شئ و يسمى نفسه ناقدا.
وليس معنى هذا إن كل النقاد سيئين، فهناك من يعتبر النقاد شماعة يعلق الشعراء والأدباء إشكالاتهم وكبواتهم وحتى فشلهم عليها.
فويل للنقاد الجادين ممن يصولون ويجولون في ساحة الثقافة والأدب، فشاعر يبحث لنفسه عن مكانة في خارطة الشعر، وان لم يكتب عنه النقاد فهم متخلفون عن مسيرته ومسيرة الثقافة.
وأديب يلعن النقاد لأنهم لم يبشروا بموهبته الفذة ،وهذا كله لان الناقد متهم أبدا إن لم يكتب عن أديب أو شاعر أو قاص ما يريحه ويرضيه.
وفى النهاية أنا مؤمنة بان النقد في ليبيا لا يصنع شاعرا عظيما ولا ينهى تجربة أيضا.



بماذا تشهدين للساحة الإبداعية الثقافية في بلادنا بكافةمجالاتهاالادبية ؟الصحفية .الإذاعية؟وعبر كل هذه القنوات الإبداعية الثقافي أين تجدين نفسك ؟وهل فيهااثراءحقيقى للحركة الثقافية ولبناء جيل تعول عليه لاستلام راية الإبداع في بلادنا ؟


لا شك أن السنوات العشر الماضية قد أنضجت مجموعة من تجارب الشباب ومن هم تجاوز مرحلة الشباب، أيضا لقد اختفت أسماء، وخفتت أسماء وتعالت أخرى .وأظن أن لكل من هذه الظواهر مبرراته، فهناك أصوات أعلنت عن نفسها بتوجس واستحياء وحذر، ورغم ذلك استطاعت أن تثبت لنفسها حضورا، وتلفت الانتباه رغم تعرضها للنقد والهجوم، إن صح التعبير..في كافة المجالات ورغم ان هناك من يقول إن ليبيا تعيش مرحلة انحسار ثقافي برأي إن المشهد الثقافي والساحة الإبداعية الآن تعيش فترة اختمار ابداعى .
.اعتقد اننى أجد نفسي في كل مجال لاننى أضفى على المجال ولا يضفى على وبالتالي نكهتي وبصمتي اتركها حينما احل أو ارحل، في كافة المجالات في الساحة الإبداعية
نعم هناك إثراء فلدينا خبرات وكفاءات ومواهب رائعة، لكن السؤال هنا ( هل أتحدث عن الأشياء التي تفتقر إليها الساحة الإبداعية أم المتطلبات التي وجب توفرها للمبدع حتى نستطيع المطالبة بإثراء الساحة الإبداعية؟)

نيفين !الصحافة.الكاتب المختزل عندما يشعر انه يجب أن يسهب ماذا تمثل لك:القصيدة.الصحافة.القصة الصداقة المحكات العملية ؟
القصيدة:هى متنفسي وعالمي الوردي الحالم، فالشعر ملاذي الوحيد، من معارك الحياة المهنية والصحفية، وأوجاع المواطن وانين المجتمع في بحثه الدائم عن سبل الحياة الكريمة .
الصحافة: الصحافة الليبية تعيش الآن حالة مخاض ونحن كصحفيين في انتظار الوليد الذي نتمنى أن يكون مثلما حلمنا به ومثلما يجب أن يكون
القصة: هي جنس ادبى يدين للصحافة بولادته وهى التقاطات لقصص واقعية مرت بنا أو مررنا بها في الحياة أو أفاق لأحلام نتمنى إن تتحقق.
............
الصداقة : أتساءل دوما هل هناك صداقة وأين هي هذه الصداقة هذا ما يجعلني في ديواني الأول أقدم إهداء خاص إلى شخص ابحث عنه يقول نص الإهداء تتلاشى مخاوفي وتضمحل المسافات عندما تضئ ذكرى إحدى مساءاتى ليلة مليئة بسواد افكارى لذا عندما أحس بأنهم ضدي أحاول البحث عنك لأنك بالتأكيد معي
............
الحب:
لماذا
يأتينا الحب فجأة
في المدن المجاورة
في طريقنا للتلاقي
من خلال الهاتف النقال
على أسطر المسجات
في غرف النوم
يأتينا الحب فجأة
فنموت خجلاً
ونحيا هزيمة
...........
المحكات العملية : اننى مدينة لتجربتي لكل الذين عرفتهم حتى خصومي واعدائى لأنهم جعلوني أعيش عن كثب تجارب لم أكن عرفتها ففي ظل الظلم والألم تستيقظ فينا قوى كامنة ومواهب حقيقية تصقلها التجارب الحياتية والمحكات العملية
...........
الوطن :سألتني صحفية في حوار سابق- لم ينشر ولست اعلم السبب- عن الوطن فقالت أين الوطن من كتاباتك ؟ اضحكنى السؤال فقد كان نوعا من الاتهام المبطن وكانت اجابتى ا لا ارانى في حاجة إلى الاستشهاد لأثبت اننى وطنية حتى النخاع أما عن حضرتك فاجابتى: إن معاناتي أو معاناة اى شخص مع ما يراه أو يسمعه ويعيشه اى مع الوضع الراهن للعالم اليوم اتخذ طابعا وجدانيا ذابت فيه شعاراتنا ومبادئنا وصرخاتنا لتأخذ طريقها في نصوص بين السطور وليس من الضروري أن اذكر هذه الشعارات والمبادئ في نصوصي اننى مللت من دروس المحفوظات التي يرددها بعض الشعراء في المحافل والمناسبات ليقال عنهم وطنيون وملتزمون إن أردت الغوص في نصوصي وخصوصا الجديدة فسوف تدركين المدى الانسانى والوطني الذي يجتاحني ويحولني دائما إلى انسانة ثائرة
..............
متى سيكون بين أيدينا مجموعة قصصية ؟ديوان شعري ؟كتاب يحوى مقالات تحقيقات حوارات ؟تأليف أو إعداد اوتجميع نيفين الهونى ؟ع ملاحظة أن المشهد العام أمامنا للنشر ومتاعب التوزيع لا يعد بالسهل بقدر ماهو ممتقع (واقصد)الافدح من الممتنع ؟



لدى مخطوط شعري بعنوان همس المساءات الثلاث ومخطوط قصصي بعنوان قصاصات مطبوعة.أما بخصوص متى سيكونون بين أيديكم فعندما يحيطني الكل ( بمعنى نظام الشللية) من كتاب ونقاد وصحفيين وإعلاميين يعملون من اجل تكوين شبكة علاقات عامة لي، ويبشرون بي ويتنادون لمواكبتي والكتابة عنى ،و حمايتي والدفاع عن ما اكتب رغم رداءته.. عندما ينتقدون همسا كعجائز الأفراح كتاباتي ،ويصفقون لؤما لي في المحافل، عندما يدعونني للمشاركة، ويصرحون كذبا للجميع باننى من طلبت منهم ذلك،
لحظتها بالامكان إن يكون لدى ديوان شعري أو مجموعة قصصية وكتاب
أما بخصوص النشر والتوزيع (فلا تعليق)


إلى جانب المسؤوليات الكثيرة باعتبار أن الأديب والصحفي نيفين هو مثقل بمسؤلية قلمه تجاه ما يكتب ويحسب عليه وله وبه أنت الآن في سدة مسؤولية جديدة لطموحك ولثقة الآخرين بقدراتك كيف تجسدين تجربتك الأخيرة كأمين النشاط برابطة الصحفيين والإعلاميين ؟وهل حققت جزء من من طموحاتك وأفكارك لإثراء هذه التجربة أم لازلت بعد ؟
في نحن الرابطة لدينا طموح ولكن تنقصنا الإمكانيات، ورغم ذلك تمكنا والحمدلله من عمل معرض للصور الضوئية للمصورين الصحفيين وكان الأول في شعبية بنغازي؟، حيث إننا تعودنا دوما على الحديث عن الصحفي ومشكلاته وحقوقه، وننسى هموم المصور الصحفي، الذي لا تتكامل المادة الصحفية دون صوره، التي قد تغنينا عن المادة الكلامية..أيضا كان لدينا في الدورة الإذاعية السابقة في إذاعة بنغازي المحلية برنامج( شبابنا المبدع)تحت إشراف رابطة الصحفيين والإعلاميين ومن اعدادى كأمين نشاط بالرابطة وهو عبارة عن برنامج يسلط الضوء على المواهب الشابة من الإعلاميين والصحفيين في شعبية بنغازي
ممن يمتلكون مواهب إبداعية أخرى كالكتابة الأدبية من شعر وقصة ونقد و...الخ أو من المواهب الفنية كالرسم والنحت والغناء...الخ
الآن نحن بصدد التحضير لندوة عن الصحافة التقليدية وأوجه المنافسة بينها وبين الصحافة الالكترونية بالتعاون مع مكتب النشاط المدرسي بأمانة للتعليم بالشعبية.
نحن في الرابطة لدينا أفكار وطموحات كبيرة، ولكننا في حاجة إلى الدعم، حتى نستطيع تنفيذ ما نطمح إليه،وإننا هنا عبر صحيفتكم نوجه الدعوة إلى كافة الصحفيين والإعلاميين لتقديم مقترحات لمناشط بالا مكان تنفيذها عبر الرابطة
فغاية طموحنا هي المساهمة في بناء صرح ثقافي اعلامى .. وخلق ابداعى يرتقى بالذوق العام ويربى الذائقة الأدبية والثقافية لدى الأجيال القادمة

هنا هناك سؤال أخيرا يفرض نفسه لايمكن إن أنهى معك هذا الحوار دون إن أسألك إياه وهو لماذا والى الآن لست معينة في اى جهة أو أمانة في بنغازي
تشير إلى لسانها وهى تضحك لتقول
لان هذا طويل وطويل جدا.فانا ارفض إن أتحول إلى قلم مأجور وهم يعرفون هذا تمام المعرفة فلماذا يتم تعيينى

كلمة أخيرة
شكرا لإتاحتكم لي هذه الفرصة للحديث وموفقين دوما

متعة التحاور مع الممتلئين وعيا وثقافة لا تضاهيها متعة تجعلني أعانقها عبر الصفحات بكلمات لا تهدى إلا لمثيلاتها..
هي روح لامرأة تتدافع للنصر ..لعلو لايهوى ..منسوج بتأن


حاورتها الاعلامية والاذاعية : عفاف عبد المحسن

السبت، مارس 25، 2006

البحرين... أرض الحياة والتسامح




بقلم د. أحمد عبد الملك

ما قام به البعض مؤخراً لا يمكن اعتباره من صفات أهل البحرين الذين كانوا دوماً مع الحياة ضد الموت، ومع الإعمار ضد الهدم. إن مشاهد العنف التي نشرتها الصحف في الآونة الأخيرة لا يمكن اعتبارها دليلاً حضارياً، أو مشهداً يعبّر عن أهل الحياة! فالخلافات تحصل بين أفراد الأسرة الواحدة، والأطفال يستشعرون مَيْلَ أحد الوالدين إلى أحد إخوانهم وتتملكهم الغيرة، لكنهم لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقوموا بحرق منزلهم، أو تحطيم أثاثه، أو إرهاب إخوانهم الآخرين. ووجهات النظر تختلف بين أفراد الشعب الواحد، فالذي يفكر به الديني أو المتديّن، لا يمكن أن يكون صورة عما يفكّر به الليبرالي، أو المؤمن بالانفتاح الاجتماعي والسياسي والقيمي. وممارسة رجل الدولة الروتيني، المحبّ للأوراق والاختبارات، لا يمكن أن تكون هي نفسها ممارسات الرجل الديناميكي، خرّيج الجامعة الراقية والمتعامل مع الإنترنت. لذلك فالاختلاف موجود منذ الأزل، وهل هنالك من اختلافات أكثر من قتل ثلاثة من أصل أربعة خلفاء راشدين، رضي الله عنهم جميعاً! عموماً، نحن ندرك أن البحرين بلد الحياة والحرية، والحرية لا يمكن أن تصل إلى حد قتل حرية الآخرين، وإن كان تاريخ شعب البحرين قد حفل بنماذج وطنية قاومت الاستعمار، وأكدت على أن البحرين للبحرينيين، وأن تاريخ الاحتجاجات طويل جداً، إلا أن الاحتجاجات لم تكن لتصل إلى قتل مظاهر الحياة العامة، أو العبث بأموال وممتلكات الغير من البحرينيين. إن الاعتصام داخل أماكن عامة وتعريض حياة الناس للمضايقة، ولربما الخطر لا يجوز، كما أن المجمّعات العامة ليست أماكن الاحتجاج أو التظاهر، ما لم تكن هنالك نيات مبيتة للتدمير والسرقة، كما أن محاولة "إجهاض" منجزات وطنية على خلفية قضايا في أروقة المحاكم لا تجوز إذا كان المواطن يتّصف بالوطنية! كما أن حكومة البحرين تسمح بالاعتصام والاحتجاج طبقاً للقوانين المحلية وله فترة محددة. لكن تجاوز الفترة المطلوبة، وتجاوز القانون بالهتافات غير المتسقة مع القانون، واستفزاز قوات الشرطة واستدراجها للالتحام مع المعتصمين أو استخدام المواد المتاحة لتفريقهم، كل هذه الأمور لا تصب لا في مصلحة المعتصمين، ولا في مصلحة البحرين. وإذا ما أخذنا رواية وزارة الداخلية (حيث اندسّ المتظاهرون بين المتسوقين الآمنين، وقاموا بتكسير الممتلكات العامة والخاصة ببعض المحال التجارية مما اضُطر رجال الأمن للدخول إلى المجمّع بقصد إخراج المشاغبين وإعادة الوضع إلى طبيعته)، مع حضور وزير الداخلية إلى "مسرح العمليات" للتأكد من سلامة المواطنين الموجودين في المجمّع، فإننا نعتقد بأن حق المواطن على الدولة أن تحمي ممتلكاته وأرواح ذويه وضمان عدم تعرضهم للأذى على يد أي من كان! كما أن البرلمان البحريني -ممثل الشعب- قد استنكر ورفض الأحداث التي جرت في أحد المجمّعات التجارية، خصوصاً وهو موسم الاحتفالات التي يتكسّب منها أهل البحرين، ولما لهذه الأحداث من تأثيرات سلبية على موقع البحرين الاقتصادي. نحن نعتقد، إن كانت هنالك قضايا معلقة، فإن الحل الأمثل هو اللجوء إلى الحوار، ولكل شعب البحرين ممثلون في البرلمان. إذ لو قامت كل عائلة -أينما كانت- بتكسير الممتلكات العامة وترهيب الناس إثر حكم جنائي يصدر بحق أحد أفرادها لسادت المجتمع فوضى، ولسقطت حُجج الحوار والديمقراطية، ولعدنا إلى حياة الغاب. في دول العالم الثالث دوماً تصطدم حرية التعبير بعائق الجهل والأمية. وإذا كان الحنين يأخذنا أحياناً إلى "بطولات" شبابية، ويقوم البعض باستحضار مواقف "البطولة" التي جرت في الخمسينيات إبّان مقاومة الوجود الأجنبي في المنطقة، فإن هذا العصر، الذي بدأت فيه الحكومات الخليجية بتلمس احتياجات المواطنين، وأرخت بعض الدول الرقابة، ووضعت بعضها الدساتير، وفتحت السجون لمراقبي حقوق الإنسان، وأنشأت هيئات للرقابة على المال العام، وأصدرت قوانين لحماية المرأة والطفل، كما قامت بمحاولات عديدة لحل مشكلة البطالة المرتبطة بالجهل والأمية أيضاً. إذا كانت الدول قد قامت بكل ذلك، أليس من الحكمة الوقوف معها، ومطالبتها عبر الحوار والمنابر العقلانية بالمزيد من الإصلاحات والمزيد من الحريات؟ ومن سيتضرر من تهشيم المحال التجارية، أو تخريب المطار أو الميناء، أو جرح رجال الشرطة وهم من المواطنين؟! أسئلة لابد وأن تُطرح بكل شفافية، وأن نتقبل الحوار على كافة المستويات، وأن الحكومة -أي حكومة- لزام عليها الاستماع إلى صوت الشعب، وتوفير الأمن والطمأنينة لجميع الناس. إن العُنف لا يولّد إلا العنف! وهل يتوقع الذين حطموا المحال التجارية وخَسّروا أصحابها الأبرياء، هل يتوقعون أن يصفق لهم الناس، وتعتبرهم الحكومة أبطالاً؟ أنا هنا لا أطالب بقمع الحريات، أو إبطال مفعول الاحتجاجات التي تتم ضمن الأطر القانونية، لكنني أقف مع المتضررين! إذ لا تُعالج المشكلة بمشكلة أخرى، ولا فائدة من توسيع رقعة الخلاف المحدود ليصبح قضية أكبر، ويصل "الغوغاء" إلى حرق البلاد. نحن ندعو لإخواننا في البحرين بالأمن والطمأنينة، وأن يعم الرخاء كل أفراد الشعب، وأن يكون البرلمان مكان النقاشات والمشاكل التي تحتاج إلى حلول. ولئن وقع ظُلم على عائلة أو فرد، فالقضاء موجود، والصحافة موجودة، بل والإنترنت موجودة. نحن يعزّ علينا أن يُشوه وجهُ مطار البحرين، أو تقلق العائلات الخليجية من ارتياد المجمعات الجميلة، أو المطاعم، أو الفنادق. البحرين أرض الحياة.. ولابد من الوقوف في وجه كل من يحاول قتل الحياة فيها.

الخميس، مارس 23، 2006

قبل اكتمال اللوحة


قصة قصيرة لحسن عبد الرزاق
نقلاً عن دروب
تغير كل شيء في حياته منذ شهر وحل النقيض محله.الشمس تشرق في المساء .. الالوان الاحتفالية تطرد الالوان الكئيبة من لوحاته .. الاغاني الشبابية تجتاح بايقاعاتها الراقصة مواويل الحزن القاتم .. والكبر :الكبير بدا يحزم حقائبه ليرحلفمعك ..يركض الزمن إلى الوراءإلى سنوات الورد الغضةإلى..ولم يستطع اكمال المقطع الذي صاغه خياله وهو يقود السيارة .. وحين حاول طوال المسافة الممتدة من باب العمارة حتى الكاليري إن يجد له ضربة شعرية قوية يختتمه بها..وجد اله الشعر قد بقي في السيارة.
((مغلق))راى هذه الكلمة متدلية على الباب الذي جاء اليه بكل احلامه .. فتحولت النشوة التي كانت تملا روحه إلى رجفة خوف ارتخى على أثرها كل جسده .لم تكن الكلمة جديدة ..انها توضع باستمرار هناك في اوقات الاستراحة لكنه لم يتوقع وجودها في هذا الوقت بالذات.مد يدا مرتبكة إلى جيب بنطاله الجينز واخرج المفتاح .. وبالكاد ادخله في ثقب القفل لينفتح الباب بعد ثوان ويدخل بلا راس.كان الصمت طاغيا في الداخل .. يغلف اللوحات .. يعرش على نباتات الظل ..ويملا المقاعد العاجية. صمت يقول انها لم تات ككل يوم في موعد عملها المحدد ولم تعد له الشاي لكي يحتسيانه معا .ركضت عيناه إلى مكانها .. مكان أول سكرتيرة شابة تعمل معه .. وسألتاه عن سبب تأخرها في المجيء .. فالساعة ألان الثالثة عصرا وموعد حضورها في الثالثة عادة.أما حضوره المعتاد فيكون في الرابعة ..عدى هذا اليوم .. حيث هرب من زوبعة زوجته التي علمت بان فتاة شابة ستخطف زوجها منها .. بعد خمس وثلاثين سنة مليئة بالابناء والبنات والعراك الذي لاينتهي.أحس بوهن مباغت ينتاب قلبه حين حصد الصمت من سؤاله ..فقد خشي إن يتكرر تاخرها غدا وبعد غد والذي بعده حتى يعيد الزمن صورته القديمة .. صورة الأيام التي تخلو من رائحة الأنثى..ظل أسير الخذلان لفترة قصيرة ..ثم خطى نحو غرفة الرسم لكي يتامل وجهها الموجود في اللوحة التي لم تكتمل بعد .. ريثما تحضر هي بكل كيانها الربيعي وتجلس قبالته على الكرسي ويستانف رسمها والاغتراف من فتنتها.بعد بضع خطوات قطعها وسط دوامات شتى .. اخترقت انفه رائحة شاي آتية من المطبخ الصغير .. أعقبتها حركة قدمين و(حمحمة) مصطنعة من حنجرة نسائية فالتفت متطلعا لكنه لم يشاهد سوى إناء الشاي وهو يرسل بخار جوفه المستعر إلى الفضاء العالي.-آه.أطلق هذه الكلمة بارتياح المفزوع حين تنجلي أشباح الخوف عنه ثم سحب نفسا عميقا جدا فامتلات رئتاه نشاطا واطمئنانا.(الله .. إنها تمزح معك .. تشاكسك أيها العجوز .. والمزاح اول بوادر استجابة الامراة .. ضوؤها الأخضر للرجل عندما ينفتح قلبها له).حرف خطواته عن اتجاهها ومضى إلى حيث تختبىء الفتاة التي رفرف جناح شبابها على غابة خريفه .كانت قدماه وهو يمضي نحو المطبخ تدبان خلسة ..ورأسه يفكر بابتكار حركة طفولية يقوم بها لكي يبادلها المزاح .. لكن الدبيب تحول في الحال إلى جمود صخري عندما طل عليه من الداخل وجها غير وجهها الذي عرفه .فقد انتصب أمام عينيه وجه بتقاسيم غريبة .. ابتسامته كاذبة..ملامحه ضائعة ..ويلوح الارتباك والخوف عليه رغم قناع الهدوء الذي تلبسه.تفرسه باندهاش فاتحا عينيه على أقصاهما..في حين راحت الظنون تتوالد في دماغه كدوائر نهر سببها سقوط حجر فيه.- ماالذي حصل لها؟- لماذا هذا الاصفرار ؟- لم كل هذا الخوف ؟ثم طارت به الشكوك نحو مبلغ المال الذي اسرها بوجوده في احد مجراته المقفلة. وخمن إن يدها قد امتدت اليه .بعد لحظات صمت ثقيلة وقبل إن يهم فمه المفغور بالاستفسار منها ..سقطت شفته العليا على شفته السفلى خائرة ..وانحبس الكلام إلى الابد .. ولم يصدّع الصمت المرعب بأي صوت مستفهم بعد ذلك .. أبدا لم يصدع الصمت.لقد كانت المفاجئة صاعقة بالنسبة له ومحرجة حد العجز عن فعل أي شيء حيالها .. إنها من نمط المفاجئات التي لاتحتاج الا إلى الاستسلام.ظل يدور في ذهوله طويلا ..طويلا جدا ..لا يدري بالضبط كم استغرق دورانه ذلك .. دقيقة أو سنة أو عمرا بحاله .. لايدري ..لكنه حين خرج منه بعد حين .. وجد يده المرتعشة ترمي الكاسيت الشبابي على الأرض .. وتتجه إلى غرفة الرسم.. لتملا خلفية اللوحة التي تحمل وجهها بلون خريفي .. يشبه لون الذبول الذي زرعته يد ابنه الاكبر في روحه .. ابنه الذي وجده يقاسم السكرتيرة خلوة المطبخ.

دو زن – أمرأتان

خليل زينل
دو زن اي امرأتان باللغة الفارسية وهو عنوان فيلم سينمائي شيق ومليئ بالقيم والمعاني عبر الكثير من الصراعات اليومية والمبداءية والتي تخوضها المرأة في شرقنا الاسلامي تحت عباءة العادات والتقاليد، القريبة لقيم الاقطاعية والبعيدة عن قيم الاسلام وسماحته .. نسمي الفتاة مومساً ولا نطلق نفس الصفة على الرجل حتى لغوياً في حين نقول شرعاً: الزانية والزاني فأجلدوا كل واحد مائة جلدة".

الانثى طفلة كانت او طالبة جامعية او امرأة ناضجة تعيش خارج جسدها..تعيش بعيون المجتمع واقواله..تعيش خارج زمنها، فالفتاة كالطعام المحفوظ في المعلبات، لها تاريخ صلاحية للتسويق (للزواج) وكي يتمدد تاريخ صلاحيتها يجب ان تصون وتحتفظ في مكان ما من جسمها بذلك العضو الحساس، تلك القطعه اللحمية التي تحدد مستقبلها وشرفها وشرف عائلتها ايضاً. لماذا شرف العائلة مرتبط بصلاحية الفتاة ومحافظتها على بكارتها ؟ الفتاة في الغالب ان فقدتها تفقدها بسبب رجل (كأعتداء مثلاً) فلماذا هو يظل بكراً صالحاً للزواج لا تنتهي صلاحيته في حين لا تعد الفتاة بكراً حتى دون السؤال والبحث عن الاسباب الوجيه لذلك؟

"كل بلية سببها ولية" مثل مغربي متداول بالضد من الحديث الشريف الجنة تحت اقدام الامهات.."العاتق في الدار عار" بالضد من القول المأثور: خلف كل رجل عظيم امراءة عظيمة..واذا شفيت من غدر الزمان وقهر الرجال لا تشفى من امراض ونظرة المجتمع الذكوري..القانون الذكوري- على عكس القانون السماوي لا ينصفها، الفرج والفرح لدى القاضي فهو الذي يوزع النجاح والفلاح، بل يدعوها لقبول المجرم زوجاً لها درأً للفضيحة، في حين يستغل المحامي الموقف ويدخل على خط الزواج رغم فارق العمر لانقاذ الموقف، كلاهما مر والكل يصبو نحو فريسته بحبل القانون وعسفه..

تعيش الانثى منذُ ولادتدها..منذُ خطواتها المدرسية والجامعية في تناقضاتها الداخلية والخارجية..تظل الاسئلة الحائرة تكبرلديها الى درجة الشك، فالحيرة عنوانها الابدي، والخيارات الصعبة والقاتلة مسكنها..تقاليد وعادات..ليلة امتحان العروس ليلة موحشة وموجعة، تظل تحمل آلامها دهوراً..كتعطش الحيوانات الكاسرة للدماء..انهم متعطشون للدماء رمز العفة والطهارة،لا يهم ان كان دم بكارة ام دم دجاجة، ورغم تقدم البشرية فقضايا القتل بسبب الشرف ان كان صحيحاً واغلبها غير صحيحاً في ارتفاع في شرقتنا الاسلامي..شرق القيم والسماحة، كنا بالنسبة للآخرين الاصل، في العلم والاقتصاد وكانوا هم الفرع، يستوردون منا العلم والتجارة، فأصبحوا هم العلم واصبحنا نحن الفروع الهشة العاجزة.. كانوا دول مبعثرة وكنا امة واحدة وخير امة أخُرجت للناس.. اصبحوا في عالم اليوم دولة اقتصادية وسياسية موحدة في شكل اتفاقيات وعملات ورايات موحدة،بالمقابل اصبحنا دول متعددة بالمفهوم السلبي في كل شيء، حتى كتاب الله أصبح حمال اوجه، كل فئة لها قراءتها واجتهاداتها ومدارسها ودولها.. هم يسلكون الدروب الملونة بألوان الفرح والمستقبل والغد الآتي، يأخذون من الشرق والغرب على حد سواء، ونحن كشجرة عجفاء عروقها في ظلمات الارض واغصانها تتعالى نحو الضباب، ولا تثمر الا اشواكاً شريرة تقتل كل طير، اما ثمارها فويل وشقاء.. ،من الطفولة الى الكهولة.. ،من المهد الى اللحد.
ان العدل من صفات الخالق وليس البشر فيا عجباً لأهل الدنيا، يرفعون لواء الاسلام بخبث ورياء، بأنانية تخدم غرائزهم واهوائهم حيث يتنافس القاضي والزاني ويشاركهم المحامي في لعبة الاستحواذ على جسدها الجميل بعد ان شلوا عقلها الجميل..جلست في المحكمة كارهة في الصف الاول وهي التي اعتادت الجلوس في الصف الاول من المقاعد منذُ ان كانت طفلة صغيرة..منذ ان كانت في الصف الاول وحتى الجامعة..فتصرف المالك في ملكه يعد عدلاً وليس جوراً.. فأرغامها من قبل والديها على الزواج هو العدل بدل ان تساعداها على تجاوز محنة القراءة الشرقية للاحداث التي وُضعت فيها قسراً، من ذا الذي يستطيع ان يجادل العدل البشري ويتجرأ بسؤال التعبير والاستفسار وعبر ميزان العدالة المائل للداني الذكوري؟ اخيراً وليس آخراً تتبع المحامي زوجة، كالكلبة الوفية، يغار عليها من الهواء حين يمنع عنها الهواء – القراءة، الدراسة والعمل حتى الكتب التربوية رغم وجود قانون بشري–قانون الاحوال الشخصية- قديم بقدوم الدولة الفارسية الحديثة، الا ان قانون الذئب البشري هو السائد في ظل الاغلال والاستغلال والنص الديني الجامد الذي يكبت كل مناحي الحياة، فبدون الاستقلالية الجغرافية لا استقلالية اقتصادية وبالعكس وبدونهما لا ارادة وادارة صحيحة وصحية لخلافات النص الديني، حين يتحول الى الدين المطلق فاقداً مرونته ( الدين يسر وليس عسر ) ويظل رجل الدين كفيلم السحلية هو صاحب الفرج وهو الجالب للفرح حتى لو تلبس الرداء الديني عن غير وجه حق او سرق عمعامة رجل الدين، وظل هادياً للناس وهو الساعي نحو عبور الحدود سراً هرباً من وجهه العدالة.. هكذا القدر اوصله للناس اماماً في مجتمع يتبعون ويعبدون العباءة دون قياس، يسيرون في ركبه جماعات وزرافات، يتحايل على الدين بذات الدين وعلى الفلسفة بذات الفلسفة، فقط بهدف الوصول الى فريسته لأشباع غريزته.. انه يشتهيها كسلعة غضة وطرية.. نظرة مثيرة.. لا تستطيع ان تنظر في عيني المشتري، تفهم حاجته ورغبته واذا رفضت يرشيها بذهب قارون ومال الدنيا، واذا استمرت في رفضها فهناك عضا النص الديني بعد الجزرة. عاقبة الرفض نار جهنم وعذاب القبر.. يا الله .. يا مقسم الامكنة والارزاق.. اين الحل؟

"العرابات يستعجلن العريس ليناولهن دليل الشرف والعفة، راية الانتصار المتمثلة بمنديل ابيض منقوع بقطرات دم العذرة، كدليل يرمز الى العفة، ولا يتوقف الطرق على باب العروسين ما لم يتم الاستجابة لطلبهم والا سيكسرون عليهما الباب ...
هكذا توارث المجتمع الشرقي هذه العادة في طقس الزفاف جيلاً بعد جيل، بتوافق النساء وتجمهرهن.. يتلذذ الشرقي بلون الدم وكل يجاهد للامساك بالمنديل المخصب بالدم".

هكذا تبدأ الاديبة المغربية خيرهم زكية اعمال روايتها "نهاية سري الخطير" مختوماً بالدمع والدم الاحمر " اشهد انك عذراء" لتتحول الانثي الى جهاز استقبال سوائلة وكافة انواع حيواناته، وما عليها سوى احتضانها وتفريخهم اطفالاً لا حصر لعددهم في انفجار سكاني قادم.. فمتى نوقف هذه العادات والتقاليد والانفجار السكاني الهائل القادم؟ في مجتمع يعظ الآخرين بما لا يتعظ به، كي نستطيع ان نكون خير امة فهل نتعظ من دروس التاريخ والجغرافيا على حد سواء ؟ ومتى ؟.

الاثنين، مارس 20، 2006

هل سيتزوج الزرقاوي نانسي عجرم؟



بقلم د. شاكر النابلسي

أغلى نساء العرب

"عوالم" القرن الحادي والعشرين، من جيل نانسي عجرم، هنَّ أغلى نساء العرب الآن (يقال أن رجل أعمال خليجي دفع عشرين مليون دولار مهراً للزواج من المغنية الراقصة اللبنانية هيفاء وهبي) (ايلاف، 28/7/2005). وهنَّ مطمح وحلم رجال المال والسياسة والفن والقانون والجيش والبوليس السري في العالم العرب (زواج علي حسن سلامة قائد المخابرات الفلسطينية في لبنان من ملكة جمال الكون اللبنانية جورجينا رزق)، كما كان عليه حال "عوالم" بداية القرن العشرين. وأصبحن بذلك، مثاراً للغرائز الحسيّة، لكنهن بقين نائيات، يستحيل على شخص من الطبقة الوسطى نيلهن، لغلاء ثمنهن، وتكاليف معيشتهن، وسرعة فراقهن، والخلاف معهن.


أهمية جيل نانسي عجرم

سألت إذاعة البي. بي. سي (19/9/2005) المفكر الإسلامي عبد الوهاب المسيري عن رأيه في جيل نانسي عجرم فكان جوابه أنه طالب جماعات الدفاع عن حقوق المرأة بالاحتجاج على هذا الغناء الراقص باعتباره امتهاناً للمرأة.

فلماذا لم يحتج المسيري على جيل أجيال الرقصات تحية كاريوكا وسامية جمال ونجوى فؤاد وفيفي عبده ولوسي وسهير زكي وغيرهن اللائي بلغن الآن في مصر 382 راقصة اضافة إلى وجود 14 ألف راقصة أجنبية (العربية،18/8/2004) وتستضيف القاهرة المهرجان الدولي للرقص الشرقي؟

إن أهمية نانسي عجرم وجيلها هي أنها ساهمت في تغيير الذوق العربي. فنقلت الذوق العربي من العباءة السوداء إلى الجينـز الأزرق، ومن التخت الشرقي التطريبي إلى الغناء الراقص الذي يُسمع بالأذن والعين معاً، ومن الميجانا والعتابا إلى "أخاصمك آه"، ومن الأغنية المخدِّرة وكأنها "سيجارة حشيش" إلى الأغنية الراقصة المحفِّزة على الحركة، ومن الأغنية الطويلة المعلَقة إلى أغنية السطر الواحد المكرر، استجابة لسرعة وقع الحياة الحديثة. كما تكمن أهمية جيل نانسي عجرم في الاستجابة لنبضات العصر الدقيقة السريعة، والحضور في المشهد الغنائي الانساني.

فهذا الجيل يغني الآن كما يغني العالم، ويرقص كما يرقص العالم، ولكن بطعم ونكهة عربية شرقية. وهذا بحد ذاته دور تغييري محدود، قام به هذا الجيل في العالم العربي. وقد فطنت إلى ذلك مجلة "نيوزويك" الأمريكية (الطبعة العربية) التي قدمت جوائز في العام 2005 إلى 43 شخصية عربية، ساهمت في التغيير العربي، كانت نانسي عجرم والكاتب الروائي السوداني الطيب صالح ومحمود درويش من بينهم. واعتبرت نانسي عجرم ذات دور ثقافي تغييري، مثلها مثل محمود درويش والطيب صالح والمخرجة الجريئة ايناس الدغيدي وغيرهم ممن شملهم اختيار مجلة "نيوزويك".

دور حضاري

إن الدور الذي لعبه جيل نانسي عجرم من المغنيات والمغنيين والراقصين والراقصات كان سبباً في الحد من الكثير من القيم الاجتماعية القبلية والتقليدية. لذا، فقد كانت أعنف الحملات العدائية التي شنّت عليهم من التقليديين الأصوليين في بلدان الخليج خاصة. كما كان هذا الجيل من المغنيات والمغنيين سبباً في تخفيف عدد الشباب المنتمين إلى الجماعات الدينية الأصولية الإرهابية، بعد أن فقدوا الأمل بالمستقبل. ولكننا بالمقابل، ويا للمفارقة نرى أن شعب الخليج العربي، هو أكثر الشعوب العربية اهتماماً بهذا الجيل "الملعون"، وأن أكثر حفلات هذا الجيل تقام على مسارح الخليج وفي مرابعه.

فجيل نانسي عجرم ردَّ الشباب من ساحات الموت والإرهاب إلى ساحات الحب وطلب الحياة، من خلال هذه الآلاف من الشباب والشابات الذين يحتشدون في المدرجات الصيفية في جرش وقرطاج ومراكش ودبي وغيرها من المرابع الغنائية العربية الراقصة، وهم متوقدون فائرون بدم الحياة، مقبلون على حب الحياة، والإصرار على استمراريتها بالحب وألحانه وأغانيه وموسيقاه ورقصاته وأحلامه، لكي يبقى الكون عامراً.


لماذا كفّروا هذا الجيل؟

إن كل أغنية وكل ألبوم من ألبومات جيل نانسي عجرم هو دعوة ضد الموت والإرهاب. ومن هنا اطلقت بعض المؤسسات الدينية على نانسي بأنها "كافرة". ومنعت بعض الفضائيات تقديم أغانيها الراقصة. كما منعت بعض الدول العربية دخول اشرطتها وألبوماتها الغنائية إلى أسواقها خوفاً على التقاليد الاجتماعية والدينية، في حين أن أسواق هذه الدول تعجُّ بكتب السحر، والشعوذة، وعذاب القبر، وضرورة "الجهاد"، وأشرطة الأصوليين الإرهابيين، التي كانت من الأسباب الرئيسية لدخول كثير من الشباب جهنم الإرهاب وجحيمه، أملاً في ممارسة الجنس مع الحور العين. كما أطلق بعض رجال الدين على الفنانة هيفاء وهبي بمناسبة خطوبتها لرجل أعمال خليجي "خضراء الدمن" الذي قال فيها الرسول الكريم "أياكم وخضراء الدمن"؛ أي "المرأة الحسناء في المنبت السوء" (موقع واحات صحارى).


هل هؤلاء من سيفتح أبواب العولمة؟

وفي الواقع فإن احتقار المؤسسات الدينية ورجال الدين لمثل هذا الفن، نابع من علمهم بأن هذا الفن، وهذا الاقبال الشديد عليه (في حفل نانسي عجرم، مايو 2005، في ساحة جامع الفناء بمراكش أقبل أكثر من مائة الف شاب وشابه على الحفل) من قبل جمهرة الشباب، سوف يفتح غداً أبواب العولمة وأبواب الحداثة على مصراعيها، أمام المجتمعات العربية الشابة حيث ستجد العولمة والحداثة أرضاً خصبة من الشباب المتفتح للأفكار الجديدة والعالم الجديد. ويُصرف هؤلاء الشباب، عن جهاد "الكفار" واللحاق بركب "القاعدة" الإرهابي، وهو ما لا تقبله المؤسسات الدينية التي تريد من الشباب التوجّه نحو "الجهاد" ضد الكفار الأجانب، بدلا من تبنّي فنهم وتبرجهم.

ولم يقتصر هجوم المؤسسات الدينية على فن جيل نانسي عجرم بل إن جيل أم كلثوم أيضاً سبق أن نال من السباب والشتيمة الشيء الكثير. ولم يستمع متنورو المؤسسة الدينية كالراحل الشيخ محمد الغزالي إلا إلى غناء أم كلثوم لقصيدة "نهج البردة" لأحمد شوقي التي يمتدح فيها الرسول الكريم. وكلنا يذكر قصيدة القيادي الإخواني الأردني يوسف العظم الذي قال في غناء أم كلثوم:

لا تغني الخيام يا كوكب الشرق ولا تسكبي من راحتيه المداما
فلو انّ الخيام يبعث حياً لهوى الكأس في يديه حطاما

فهل يتزوج الزرقاوي "الثائر الأصولي" غداً نانسي عجرم لكي يصون عفتها، ويقصيها عن "العفن وليس الفن"، كما وصفه "حزب العدالة والتنمية" الأصولي المغربي، وكما سبق أن تزوج "الثائر الفلسطيني"، ومدير المخابرات الفلسطينية في لبنان علي حسن سلامة ملكة جمال الكون اللبنانية جورجينا رزق؟!

Shakerfa@Comcast.net

السبت، مارس 18، 2006

الليبرا ليون الجُدد في كتاب


كولون – المانيا : تمخّض الجدل الفكري الذي دار عامي 2003- 2004 حول ظاهرة الليبراليين الجدد عن كتاب تحت عنوان (الليبراليون الجدد: جدل فكري) كتاب لشاكر النابلسي الذي صدر في مطلع هذا الشهر سبتمبر 2005 عن "دار الجمل" في كولون بالمانيا.

ومن المعروف أن كثيراً من الليبراليين الجدد العرب طالبوا بكتابة ميثاق وطني لليبراليين. وطالب فريق آخر بانشاء منتدى أو رابطه أو تيار أو حزب .. الخ. وقد أثبتت الأيام الماضية بأن الليبراليين العرب الجدد قد أصبحوا أكبر من هذه التجمعات التقليدية، كما أصبحوا كمثل الشركات العابرة للقارات حيث أنهم ينتشرون الآن ليس في العالم العربي فقط، ولكن في القارات الخمس، وذلك بفضل الديكتاتورية العربية التي شتتت الليبرالين في كل بقاع الأرض، وطردنهم من الحلبة الوطنية العربية.

ويقول شاكر النابلسي: الليبراليون الجُدد شركة فكرية ثقافية سياسية عابرة للقارات، لا عقد فيها بين الشركاء، وهم أحرار فييما يقولون وفيما يصفون. فلا حزب يربطهم بمواقف موحدة، ولا رابطة تربطهم ربطة واحدة تجاه الأحداث الجارية، ولا تيار يجعل منهم نسخاً مكررة. فلكل مثقف ولكل مفكر منهم طعمه ومذاقه ونكهته الخاصة، ولكن منهم حريته المطلقة في التفكير والتحرك، ولا طرد ولا شطب ولا إلغاء في نهاية النهار نتيجة للمواقف الشخصية تجاه الأحداث.

فمنهم من يعتبر أن ما تم في العراق تحريراً وليس احتلالاً ومنهم من يرفض ذلك، ومنهم من يقف ضد الكفاح المسلح ومنهم من يؤيده، ومنهم من كتب "البيان الأممي ضد الارهاب" المرفوع لمجلس الأمن والأمم المتحدة ومنهم من عارضه، ومنهم من وقع على عرائض معاقبة بعض وسائل الإعلام ، ومنهم من رفض ذلك، ومنهم من كتب في صحف كانت تساند وتدعم الديكتاتورية في العراق ومنهم من لا يفعل ذلك، ومنهم من انتقد سيد قمني بمرارة على خضوعه لتهديدات الإرهابيين ومنهم من دافع عنه.. الخ.

واشترك في تحرير هذا الكتاب عدة كُتّاب ليبراليين وعدة كُتّاب من أعداء الليبرالين. وانقسم هذا الكتاب إلى قمسين : القسم الأول يضم نماذج من كتابات الليبراليين كشاكر النابلسي وسيّار الجميل وكمال غبريال وهاشم صالح وخالد شوكات وهاني نسيرة وأحمد البغدادي. والقسم الثاني يضم نماذج من كتابات المعارضين لخط الليبراليين كمحمد عبد الحكيم دياب وبشير موسى نافع ومسفر القحطاني و لطفي حاتم و عبد الحميد خضر ورياض صوما وعصام العول وتركي الربيعو وفالح الحمراني ومطاع صفدي.

وفي هذا الكتاب كتب شاكر النابلسي عن الليبراليين الجدد وخطابهم، وعن المحافظين الجُدد والليبراليين الجُدد بين الواقع ومهاترات الغوغاء، وكيف أن الليبراليين السوريين الجُدد ينهضون. وكتب سيّار الجميل عن الليبرالية الجديدة: الماضي والحاضر والمستقبـل، وعن الليبرالية العربية الجديـدة: مفاهيم عصـر راهن. وكتب كمال غبريال عن الليبرالية الجديدة وفضاء يتشكل: مقاربة لمانيفستو الليبراليين الجُدد. وكتب هاشم صالح عن هزيمة المحافظين الجُدد في العالم العربي. وكتب خالد شوكات عن الليبراليين الجُدد أو الليبرالية كما أفهمها. وكتب هاني نسيرة عن الليبراليين الجُدد في المنطقة العربية. وكتب أحمد البغدادي : نعم، الليبراليون وحدهم هم الديمقراطيون.

وفي القسم الثاني : من الخطاب المُضاد لليبرالية، كتب محمد عبد الحكيم دياب عن الليبراليين في التجربة المصرية. وأعد "مركز أبعاد للخدمات الإعلامية المتكاملة" في الكويت بحثاً عن أزمة الليبراليين: الكويت أنموذجاً. وكتب بشير موسى نافع عن أزمة الخطاب الليبرالي العربي الجديد. وكتب مسفر القحطاني عن الليبراليين الجُـدد في حِقبة ما "تحت" الحداثـة. وكتب لطفي حاتم عن الليبرالية العربية بين المراجعة التاريخية والروح الإنقلابية. وكتب عبد الحميد خضر الليبرالية الجديدة رجسٌ من عمل الشيطان. وكتب رياض صوما عن الليبراليين الجُدد في ناحية اليسار. وكتب عصام العول كيف أن الليبراليين العرب صناعة يهودية. وكتب جون الترمان كيف أن الليبراليين العرب هامشيون في بلدانهم. وكتب تركي الربيعو يتساءل: هل رسالة التنوير الأمريكي عودة إلى عصر الإستعمار؟ وكتب فالح الحمراني ينذر لكي لا يرتكب الليبراليون العرب أخطاء نظرائهم الروس. وكتب مطاع صفدي عن الليبرالية المُستعربة الجديدة: ايديولوجيا التسليم بالعجز العربي المُستَدام.

وكانت هناك اضاءات على الليبرالية كتبها كل من: حسن حنفي، حاتم المطيري، صلاح المختار، ئاسو جرمياني، محمد سعيد طالب، خالد جمال المطوع، باتر وردم، أبو عامر المهاجر، موقع التجديد، موقع إخوان أون لاين.

وقال شاكر النابلسي في مقدمته لهذا الكتاب: ثار جدل فكري كبير في عامي 2004، و 2005 حول مجموعة من المثقفين والمفكرين العَلمانيين والحداثيين الذين أُطلق عليهم "الليبراليون الجُدد". وكان مثار هذا الجدل بالدرجة الأولى موقف الليبراليين الجُدد من كارثة 11 سبتمبر 2001، والكفاح المسلح، والتعليم الديني الظلامي، والحملات الإرهابية المسلحة في العالم العربي، وتحرير العراق في 2003 ، ومشروع "الشرق الأوسط الكبير"، والإصلاح السياسي العربي، والانتخابات العربية تحت حراب الاحتلال.. الخ. في حين أن المثقفين "القومويين"، و"الإسلامويين" الذين كتبوا وخطبوا عبر الفضائيات والمؤتمرات القومية والدينية، وراهنوا على فشل التجربة الديمقراطية في العراق، واستمرار الكفاح المسلح كطريق وحيد للتحرير الفلسطيني من البحر إلى النهر، ووقفوا إلى جانب الإرهاب الدموي الذي كان يقترف جرائمه تحت مظلة "المقاومة"، والذين راهنوا على أن لا انتخابات شرعية ونزيهة وشفافة تحت حراب الاحتلال، ونسوا ما جرى في اليابان وكوريا الجنوبية والمانيا وايطاليا.. الخ. كل هؤلاء لا يستطيعون الآن أن ينظروا في المرآة لكي يروا كيف اسودَّت وجههم، وخابت آمالهم، وتبخرت أحلامهم، وباتوا بلا ظُهراء ولا قرّاء، بعد أن تحقق على أرض الواقع خلاف ما كتبوه على صفحات الجرائد، وقالوه على شاشات الفضائيات.

وقد تم إهداء هذا الكتاب إلى ذكرى رائد الليبرالية العربية: طه حسين.

الأربعاء، مارس 15، 2006

راشيل كوري في احتفال مصري بيوم المرأة العالمي

يعقد مُلتقى تنمية المرأة احتفالا بالشهيدة الأمريكية راشيل كوري بمناسبة مرور ثلاثة أعوام على رحيلها. حيث تتزامن ذكراها الثالثة التي تحل في 16 من مارس الراهن مع يوم المرأة العالمي بنفس الشهر. يعقد الحفل في تمام السادسة من مساء الاثنين 20 مارس بمسرح الهناجر بدار الأوبرا المصرية. والحفل برعاية الناشطة السياسية فريدة النقاش ويتضمن الفقرات التالية:
أمسية موسيقية للفنان العراقي نصير شمّة. قراءة مسرحية لرسائل راشيل تؤديها الفنانة سوسن بدر من إخراج حسن الجريتلي. أمسية شعرية يشارك في العديد من الشعراء بقصائد مستلهمة من بطولة راشيل كوري منهم: سيد حجاب- حسن طلب - حلمي سالم- محمود الشاذلي- غادة نبيل- فاطمة ناعوت- عيد عبد الحليم- سهير متولي – رشا الصباغ. يتضمن الحفل كذلك رسالة إلى أسرة راشيل كوري، وتوزع خلاله كراسةٌ مطبوعة تتضمن رسائلها إلى أسرتها. كما يتضمن برنامج الاحتفال معرضًا للصور التي رسمها الفنانون من أجلها. وتشارك كذلك فرقة الكورال مع عدد من المطربين والموسيقيين ويخرج الاحتفال نصر عبد المنعم. يذكر أن راشيل كوري فتاة أمريكية سافرت في الثالثة والعشرين من عمرها إلى فلسطين لمساندة المقاومة الشعبية هناك. تصدت لجرّافة إسرائيلية كانت تتقدم لهدم بيت فلسطيني في رفح ظنًّا منها أن لونها الأبيض وهُويتها الأمريكية سوف توقف سائق الجرّافة عن التقدم، سوى أنه تقدم ودهسها لتتحول إلى شهيدة أمريكية شابة حاولت أن تؤازر القضية العربية وفكرة العدالة في الأرض.

الثلاثاء، مارس 14، 2006

نايلة تويني: هذه كلمتي.. ومضى


نايلة تويني
اتاه اللبنانيون من اجل شهدائهم ثم من اجله استشهدوا، انه 14 آذار.
يوم لم يمضِ الى التاريخ بل مضى الى الخلود، مثل شهدائنا وآلامنا، مثل ارزنا وحريتنا.
يوم اضاء مستقبل لبنان، يوم جاءته وجوه مفعمة بالكرامة والعز، هادرة بقسم اليمين، مسلمين ومسيحيين، ان نبقى موحّدين الى أبد الآبدين.
أَسمعت جيدا ايها القاتل الطليق؟ أشاهدت ملء عينيك الحاقدتين؟
انك بالطبع لم ولن تنسى صوت القسم وصاحبه، ولا صورة الجموع في 14 آذار. فهم جاؤوا ليقولوا لك: هذه رسالتنا الوحيدة اليك، جميعنا مستعدون للاستشهاد، فكم من لبناني ستقتل؟
لكن واصلت القيام بالفعل الوحيد الذي تجيده، واصلت القتل وها نحن كما ترى، ذبحتنا ولم نمت، أحياء بشهدائنا، بجبراننا وقسمه الذي سيبقى يؤرقك ما بقيت، ما بقي لك من أيام وأوهام!
أوَتظن نفسك طليقاً؟
لا، أنت السجين، ونحن وشهداؤنا الاحرار، خذ من دمنا ما استطعت، انك بقتلنا تحيينا.
وصلنا باكرا الى "النهار"، كانت النافذة في مكتبه، على وسعها، أضيق من ان تروي عطشه الى صورة الحرية وهو يراها تتعاظم في الساحة لحظة بعد لحظة.
أصعدنا والزملاء الى الطابق العلوي، أراد أن يملأ نظره بالنصر والتحرير.
كلما شاهد موكباً إضافياً يدخل ساحة الحرية، اتسعت ضحكته وازدادت حماسته.
كان أشبه بفارس هزم جيشاً بمفرده.
أخذ نفساً عميقاً وعاد الى المكتب مرة أخرى، انتقى ورقة صغيرة، دوَّن بعض العبارات وقال: "هذه كلمتي". سأله احد الزملاء عن مضمونها، ابتسم، ولم يجب، وناداني لننزل معاً الى الساحة.
شقّ الطريق بصعوبة الى حيث المنصة. تحية من سيدة محجبة، دعاء من راهبة، شباب شبكوا قبضاتهم معه، فتيات هتفن له، عشرات، مئات، بل آلاف المشاهد ضخت الأمل في روح الوطن... والفرح في عيني جبران.
جاؤوا يقولون نريد وطننا. جاؤوا يقولون ان لبنان لن يبقى اسيراً في السجن الكبير.
همس لي: "انه شعب جبّار". قتلوا قادته، نكّلوا به، هجّروه، اعتقلوه، خطفوه، استرهنوه، ولم... يستسلم.
شعب جاء الى 14 آذار ليقول لشهدائه ان دماءهم لم تذهب سدى.
كأن جبران ماثل امامي.
اعتلى المنصة، قال كلمته، طلب ان نقسم معه ليوصي بالوحدة ويجزم عالياً بأن الحرب الاهلية لن تعود. فقد شاهد الاستقلال الحقيقي بأم عينيه.
لكنه أبى ان يصنعه بحبره فقط، بل قرر ان يسيّج حدود لبنان بدمائه.
لم ندر يومها ان يده المرفوعة كانت تودع الوطن وجماهير 14 آذار، لم نعلم انه كان يستعد لمنازلة أخرى.
اطمأن الى وحدة اللبنانيين وحريتهم، ومضى على عادته، وحيدا وجريئا، الى الصفوف الامامية لمعركة الاستقلال. هناك كان القتلة في انتظاره، أعزل إلا من حبره ودمه. هناك استشهد جبران كما أراد... دفاعا عن لبنان العظيم.
لن نحقد ولن ننتقم، الحقد للصغار، فكيف بالحقد على الصغار؟ تبقى العدالة امانة في عنق الدولة والقضاء... ننتظرها ولا ننسى.
للاعلام اللبناني فضل كبير في 14 آذار. والذين قرروا الانتقام من 14 آذار انتقموا من الاعلاميين اكثر ما انتقموا. سمير، مي والقلب جبران، ظنوا ان الموت نهايتهم، ولكن فاتهم ان الابطال يكسرون الموت. أليس كذلك يا مي؟
فليذكر كل لبناني، كل اعلامي، في لبنان والعالم، ان الصحافيين اللبنانيين هم من أجرأ الصحافيين وأكثرهم استعدادا للتضحية. تحية في هذا اليوم الى كل حرف تكتبونه، الى كل صورة ومقالة من أجل لبنان.
أي أمانة أغلى من أمانة 14 آذار؟
وأي مسؤولية أكبر من مسؤولية وطن صنع حريته وسيّج حدوده بدماء شهدائه؟
لا يمكن ان يبقى لبنان متعدد الخرائط وممزق الولاءات.
ان الشابات والشباب والآباء والأمهات الذين صنعوا المجد في يوم الحرية أثبتوا انهم سيلبون نداء الوطن في أي وقت.
ان لـ14 آذار، لهذا اليوم التاريخي، حقا على جميع السياسيين الذين يتفاوضون باسمنا بألا يخذلوا الآمال المعقودة عليهم.
لقد تمرد اللبنانيون في 14 آذار على لغة القتل والدم والتدمير، ولن يكون صعبا عليهم تجاوز الانقسام الى الوحدة.
لبنان أهم من كل أحزابه وسياسييه، فلنواصل منحه و14 آذار والشهداء ما يليق بهم
.

الاثنين، مارس 13، 2006

الدكتور أحمد صبحى منصور ومروجى الشائعات


م. عبد اللطيف محمد سعيد

طالما تناول المغرضون من مروجي الاشاعات علاقة د. احمد صبحي منصور برشاد خليفة الذى أدعى النبوة ومات مقتولا فى امريكا عام 2000 كثغرة ينفذون منها للنيل من شخص د. منصور و أفكاره، وهذا البحث يدحض بالأدلة القاطعة جميع ما نشر عن هذا الموضوع من قبل خصوم د. منصور الذين استحلوا قتل شخصيته بتشويه سمعته بالأكاذيب بعد ان فشلوا فى الرد و المناقشة لأفكاره . واحب ان انوه فى البداية الى ان الخلاف على شخص الدكتور أحمد له علاقة بحجم الاجتهادات التى قدمها والتى يحتل بها مكانة متقدمة تجعله فى مصاف كبار المفكرين ليس فقط فى التاريخ الاسلامى بل و الانسانى ايضا وان حجم الخلاف عليه يعكس مدى أهمية ما يقوله وانه وضع يده على منطقة الداء فى الفكر العربى والاسلامى .
سأحاول فى هذا البحث ألقاء الضوء على هذه القضية من خلال ما نشر عن الموضوع ، وذلك ليس الآن ، ولكن من خلال ما نشر فى الموضوع على مدى السبعة عشر عاما الماضية بحيث يحدث التوازن المطلوب بين من يدافع عن الدكتور أحمد صبحى ومن يهاجمه وليبقى للقارىء الحكم بحرية.

*************
وشهد شاهد من اهلها .....!

سأبدأ بوثيقة مهمة فى هذا الموضوع الخطير.

بعد عودة الدكتور أحمد صبحى منصور من امريكا مباشرة فى عام 1989 بعث برسالة الى صديق له فى كندا هو الاستاذ محمد أحمد عباره عن بحث بعنوان ( رشاد خليفه رسول الله ام رسول الشيطان ) . ولان البحث مكتوب باللغة الانجليزية فقد أوصى الدكتور أحمد صبحى الاستاذ محمد أحمد بمراجعة البحث ونشره الى جميع من يهمه الامر .
ويشاء الله سبحانه وتعالى ان يتم توثيق هذا البحث عن طريق خصوم الدكتور أحمد صبحى وذلك فى كتاب منشور بتاريخ ( رقم الايداع فى دار الكتب 2998 لسنة 1989 ) للدكتور طه حبيش تحت اسم (مسيلمه فى مسجد توسان ).
وكل هذا حدث قبل موت رشاد خليفه ، اى ان الدكتور احمد صبحى اختلف مع رشاد عندما أدعى النبوة اى قبل موت رشاد ، وكتب هذا البحث ايضا مهاجما ومفندا إدعاءات رشاد، وبما لا يدع مجال للشك لكل ذى عقل سليم ان الدكتور احمد صبحى منصور اختلف مع رشاد خليفه خلافا لا رجعة فيه ، وهذا الخلاف خلافا فكريا ومنهجيا جذريا وهذا يتضح من المتابعة المتآنية لما قاله الدكتور أحمد صبحى .
ولن اسبق الاحداث وسادخل فى الموضوع مباشرة ، فهذا هو نص الرسالة التى بعث بها الدكتور أحمد صبحى الى الاستاذ محمد أحمد فى كندا والتى تم توثيقها فى كتاب للدكتور طه حبيش تحت اسم (مسيلمه فى مسجد توسان).
( رشاد خليفة رسول الله أم رسول الشيطان)
دعنا نبحث عن الإجابة فى رد د. منصور علي ادعاء رشاد خليفة من خلال القرآن الكريم :
يقول د. منصور : وردت كلمة رسول فى القرآن بمعان مختلفة كما سنرى:
1- وردت كلمة رسول بمعنى الملك :
تأتى بمعنى الملك الذى يرسله الله لمهام معينة مثل ملك الموت يقول القرآن الكريم: (حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون ) ، مثل جبريل الذى يرسله الله بألوحى إلى كل الأنبياء ويوصف ايضا بأنه الروح ألأمين يقول القرآن الكريم : ( قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه – وأنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين –الله يصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس )
وحول هذا المعنى إقرأ أيضا سورة 35آية رقم1 وسورة رقم 81 آية 19-23
2- الرسول بمعنى القرآن :
يقول القرآن الكريم (ومن يخرج من بيته مهاجرا الى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله)
هذا هو سبب الهجرة اثناء حياة محمد عليه الصلاة والسلام وبعد موته فإن الرسول فى هذه الحالة يعنى الرسالة أى القرآن الكريم .
وبوجه عام عندما يقول القرآن ( الله ورسوله ) فإنها تعنى الله و كلماته فى القرآن ، يقول الله سبحانه وتعالى
( من يطع الرسول فقد اطاع الله) لا فرق بين الله ورسوله الذى يعنى كلماته . إقرأ سورة النساء آية رقم 150 وسورة المائدة آية. 117.
نحن نطيع الوحى الذى نطق به النبى ولا نطيع شخصه البشرى والنبى نفسه اول من يطيع كلمات الله التى نطق بها لسانه .
وعلى العموم فإن الرسول يعنى القرآن فى عدة آيات مثل (وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ) ،(قد أنزل الله اليكم ذكرا، رسولا )،( كتابا فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون ، بشيرا ونذيرا فأعرض اكثرهم فهم لا يسمعون )
2- الرسول بمعنى النبى :
كل رسول من الله يكون نبى ،وكل نبى رسول ، لا فرق بين الكلمتين (النبى – الرسول) محمد خاتم الأنبياء والمرسلين للجنس البشرى ،ولكن ذوى النزعة التقليدية يقولون أن النبى هو الذى نزل عليه كتاب من السماء،والرسول هو الذى لم ينزل عليه كتاب من السماء ، ولكن هذا الرأى مخالف للقرآن الكريم ، نحن نعرف من القرآن ان هارون لم يكن الشخص الذى نزل عليه العهد القديم ، لقد ترك موسى هارون مع قومه وذهب ليتلقى التوراة ، ولكن طبقا للآية الكريمة من القرآن الكريم (ووهبنا لهمن رحمتنا أخاه هارون نبيا) فإنه يعتبر نبيا من الانبياء.
ان رسول الله هو الذى يختاره الله وينزل عليه الوحى من السماء سواء كان له كتاب منزل ام لا ، يقول القرآن الكريم : ( ماكان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ) فكونه آخر نبى يعنى كونه آخر رسل الله لأنه لا يوجد رسول من الله بعد محمد عليه السلام وكل من يخالف ذلك فهو عدو للإسلام .
3- رسول بمعنى شخص ما أرسله شخص آخر
وذلك مثل الرسول الذى ارسله ملك مصر الى يوسف عليه السلام فى السجن يقول القرآن الكريم (فلما جاءه الرسول قال إرجع الى ربك ) وعن قوم نوح يقول القرآن (وقوم نوح لما كذبوا الرسل اغرقناهم ) ومن المعروف انه لا يوجد رسول فى هذا الوقت الا نوح ؟ فمن الذى كذبهم قوم نوح ؟ انهم رسل نوح الى قومه .
وعلى أى حال فالقرآن سماهم رسل نوح لأن رسول الله الوحيد هو نوح.
إقرأ ايضا آية الشعراء ( كذبت قوم نوح المرسلين ) هذا يذكرنا بآية سورة الأحزاب التى تصف محمد عليه السلام بأنه آخر الأنبياء والمرسلين (ماكان محمد ابا احد....) تلك الآية تجعلنا نفهم انه لا فرق بين ( رسول الله – النبى) ومحمد ايضا آخر رسل الله.
القرآن كامل وتام ومفصل فهو لا يحتاج الى جديد فى اى وقت ، وأى شخص يسمى نفسه رسول الله بعد محمد عليه السلام ويتهم القرآن بأنه غير كامل أو غير مناسب لزماننا فهو مدع للنبوة ورسالته مزيفة ، وعدو لدود لله ورسوله (القرآن) ، وأى تابع لهذا الرسول المزيف فهو فى حزبه (حزب الشيطان)،يقول القرآن الكريم (استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله ، أولئك حزب الشيطان ، الا إن حزب الشيطان هم الخاسرون ، إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك فى الآذلين).
لا يوجد بعد القرآن الكامل التام وحى جديد ، يقول الله عن القرآن الكريم: وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا، لا مبدل لكلماته ) (اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الاسلام دينا ).
لايوجد وحى الهى بعد رسول الله الخاتم محمد لأنه لا جديد بعد تمام القرآن لكن الوحى الشيطانى مستمر فى اى وقت، وفى أى مكان، قبل وبعد اتمام القرآن ولذلك نعرف الكثير من مدعى النبوة والرسالة (الأنبياء المزيفون) (مدعوا النبوة) فى التاريخ الإسلامى . وكلهم رسل الشيطان الحقيقيون .
لقد حزرنا القرآن من الشيطان ورسله ، ومن وحى الشيطان ، لو تفضلت إقرأ بتأمل قول الله تعالى فى سورة الأنعام (الآية 112-115) (وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن )[ لاحظ ان رشاد اظهر عداءه للنبى محمد عندما اعلن فى نشراته ان الصلاة على النبى شرك] ( يوحى بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا ، ولو شاء ربك مافعلوه ) [ لاحظ انه من اجل إختبار المؤمنين يستمر الوحى الشيطانى ليميز بين المؤمنين الحقيقيين ومدعى الإيمان . وهذا هو السبب فى ان لكل أمة أو جيل عددا من مدعى النبوة .
( ولتصغى اليه أفئدة الذين لا يؤمنون بإلآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون )[ لاحظ ان رشاد يختر ع عدة اكاذيب ليقنع اتباعه ، مثل اسطورة الأربعين سنة من العمر ليشجع ويبرر ويسوغ إرتكاب الخطايا والآثام قبل الأربعين .
ونحن نبرهن على ان اسطورته هذه ما أنزل الله بها من سلطان .(أفغير الله ابتغى حكما وهو الذى انزل اليكم الكتاب مفصلا .. وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته ) لذلك فألقرآن نفسه يدحض إدعاء رشاد .
كل إدعاءات رشاد تثبت انه رسول الشيطان وصاحب الوحى الشيطانى ليس فقط اسطورة الأربعين ولكن ايضا عدة من إدعاءاته تقف فى مواجهة القرآن الكريم وعلى سبيل المثال:
1-يعتقد رشاد فى نفسه انه صاحب المعرفة السماوية والوحى الإلهى المستور (الغيب) وبناء على هذا الإدعاء الكاذب يخترع عدة اكاذيب وينسبها لله .
لا وحى فى العقيدة بعد تمام القرآن ، ولو ان احدا إدعى وحيا جديدا بعد القرآن ، فهو العدو الحقيقى لله ، يقول القرآن( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا ، أو قال أوحى الى ولم يوحى اليه شئ ،) وإلى ذلك تشير آيات كثيرة فى القرآن الكريم الأنعام 157،149،21الأعراف 37، يونس 17،هود8،الكهف15،العنكبوت 68.
إن اى انسان يدعى انه يعلم الغيب فقد جعل نفسه الها بجانب الله ‘لأن الله وحده هو الذى يعلم الغيب ، يقول القرآن الكريم فى سورة النمل (قل لا يعلم من فى السموات والأرض الغيب الا الله ) والنبى نفسه لا يعلم الغيب والقرآن أمره أن يقول : ( قل ما كنت بدعا من الرسل وما ادرى ما يفعل بى ولا بكم )
وفى الحقيقة لقد وضع رشاد نفسه فى مرتبة أعلى من النبى محمد الذى لا يعرف عن مستقبله شيئا ، ولا يملك لنفسه أو لغيره ضرا ولا نفعا فى يوم القيامه ، اقرأ آية الأعراف (قل لا أملك لنفسى نفعا ولا ضرا الا ما شاء الله ، ولو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير)
محمد لا يملك القوة (السلطة) ، ولكن رشاد يدعى لنفسه القوة (السلطة) على ايذاء أى انسان يقف ضده ، ولذلك فأنه عادة يحكم على أى شخص يناقشه أو يحاوره.
ان المقدرة على الصفح والعقاب هى لله وحده وليست للنبى محمد، يقول تعالى لمحمد :(ليس لك من الأمر شىء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فانهم ظالمون)ولكن رشاد رسول الشيطان يدعى لنفسه المقدره على الصفح والعقاب ، وبهذا الادعاء الكاذب يتحكم فى أتباعه.
كل الأنبياء كانوا يخشون الله وعذابه لكن رشاد يعتقد انه واتباعه بالتأكيد فى الجنة مهما فعلوا ، ولكى تعرف مدى خوف الأنبياء من عذاب الله اقرأ هذه الأيات :(قل انى أخاف ان عصيت ربى عذاب يوم عظيم ) واقرأ ايضا: 10/15 ، 39/13،6/15، وفى نفس الوقت فان غير المؤمنين هم الفئة الوحيدة التى تعتقد انها فى أمان يوم القيامة (ما نحن لك بمؤمنين )( وقالوا نحن أكثر اموالا واولادا وما نحن بمعذبين )اقرأ 26/138، 34/35، 37/59،18/36، 41/50(ن ص 5 ب ص 6)
المؤمن الحقيقى يكون اكثر خوفا من عقاب الله وكلما يتذكره يسارع الى عمل الصالحات يقول القرآن ( والذين هم من عذاب ربهم مشفقون ، ان عذاب ربهم غير مأمون) ويقول فى سورة المؤمنبن ( ان الذين هم من خشية ربهم مشفقون ... والذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة أنهم الى ربهم راجعون) ولكن رشاد يشجع اتباعه على ارتكاب الاثام طبقا لاسطورته (الأربعين سنه) ويدعى فى نفس الوقت انهم فى الجنة .
فى أى فئة يمكن ان نضع هذا الرسول : اقرأ سورة الانعام الأيات 112/115، لتتعرف على ما هى الرسالة الجديدة والرسول الذى يقوم بها والوحى الذى انزل عليه.
2- ان لرشاد مفاهيمه الخاصة عن الله ، وهى مفاهيم تذهب فى مجموعها الى ما يخالف القرآن والاسلام ، فهو يعتقد ان بداخل كل انسان جزءا من روح الله والاكثر من ذلك انه يعتقد ان كل جماد وكل حيوان يمثل جزءا من الله ، وفى ترجمته للقرآن يتعمد الخطأ فى ترجمة الأيات التى تخالف افكاره وعلى سبيل المثال ، يقول الله تعالى فى سورة الزخرف :( وجعلوا له من عباده جزءا . ان الانسان لكفور مبين ).
ويترجم رشاد هذة الأية كما يلى ليشوه (لغيره)معناها(انهم نصبوا اصناما من بين عباده ، حقا ان الانسان غير مقدر لنفسه).
انه يعتقد اننا نحتوى على جزء من الله بداخلنا . وعليه ، فأن اعمالنا صادرة من الله وليست صادرة منا ، لذا فأنه يوضح مفهومه قائلا (ان الله يفعل كل شىء ) وهذا يعنى أن الله مرتكب لخطايانا ومفاسدنا وانحلالنا . ولذا فلماذا يعاقبنا ؟
هذه الفكرة الشيطانية تهدم وتشوه اى علاقة أو رابطة اجتماعية خاصة اذا كانت هذه الرابطة لها اتصال بالعقيدة ، وطبقا للقرآن فان الله لا يفعل كل شىء بل يفعل ما يريد فقط . اقرأ قوله تعالى :( ولكن الله يفعل ما يريد ) واقرأ 3/40 ، 14/27، 22/14، 1/18، 11/107، 85/6 .
ان الله يرشدنا الى طريقه المستقيم من خلال كتبه المنزله ورسله الحقيقيين لكن ترك لنا حرية الاختيار ، اذا سلكنا الطريق المستقيم فانه يزيد نا ارشادا ، واذا سلكنا الطريق فانه يتركنا لغواية الشيطان واتباعه (ن ص 6 ب ص 7) ، يقول الله :( والذين اهتدوا زادهم هدى واتاهم تقواهم )( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) ويقول :( فى قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ) وكذلك يقول الله :( ما اصابك من حسنة فمن الله ، وما أصابك من سيئة فمن نفسك ) لذا أعطانا الله حرية الاختيار فى ان نؤمن به أو لانؤمن ، فى ان نطيعه أو نعصيه يقول الله تعالى :( قل آمنوا به أو لا تؤمنوا) (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) وطبقا لحريتنا هذه فلنا الحق فى أن نفعل وان نختار وان نرفض وان نطيع وأن نعصى . ونحن نشعر بحريتنا هذه ونحن نبحث الأن عن هذا الرسول الذى ظهر فى توسان وشوه كلمات الله بحرية اختياره ، اقرأ بعنايه آية سورة فصلت ( ان الذين يلحدون فى آياتنا لا يخفون علينا ، افمن يلقى فى النار خير ام من يأتى آمنا يوم القيامة ، اعملوا ما شئتم انه بما تعملون بصير).
هذا الرسول الذى شوه القرآن واختلق الاكاذيب ونسب كل أفكاره واعماله الى الله . ما هى حقيقة ؟ هل هو رسول الله بعد محمد ، أم رسول الشيطان مثل العديد من مدعى النبوة الذين سبقوه .
مهما يكن فان الحقيقة انه لا وحى بعد القرآن ، لكن الوحى الشيطانى مستمر . وفى القرآن الاجابة عن استمرار الوحى الشيطانى وعن وجود مدعى النبوة الذين يشوهون كلمات الله ، اقرأ بعنايه قوله تعالى :( هل انبئكم على من تنزل الشياطين ، تنزل على كل أفاك اثيم ).
ان رسول توسان يكذب فى كل نفس من انفاسه ، ويحمل الكذب بين جوانحه ، فاسم والده عبد الحليم ولكنه جعله خليفة وفى نفس الوقت أمر أتباعه بأن يحتفظوا بأسماء أبائهم الحقيقيين ، هذا واحد من اختراعاته وتلفيقاته .
دعنا نتعرف على الهه الحقيقى الذى يطيعه و يعبده يقول القرآن عن الشيطان :( انه لكم عدو مبين ) ( انما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) ويقول :( الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء ) ويقول :( يا بنى آدم لا يفتننكم الشيطان ...الاية) . ( واذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل أن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون ) وانطلاقا من هذه الآيات فان رشاد بأسطورته ( الاربعين سنه) وبوحيه الكاذب يكون رسولا للشيطان .
وفى نفس الوقت فإن رشاد يعتقد أن الشيطان اله لهذا ا لعالم وتعود أن يقول أن الله أعطى هذه الأرض للشيطان لتكون مملكة له . ونحن نختبر بالشيطان ، وهذه التصورات هى نفسها الموجودة فى المسيحية .
لذا أخطأ فى ترجمة الفاتحة ( الحمد لله رب العالمين ) فترجم العالمين الى universes إن كلمة universes لا تعنى أكثر من عالم واحد هو العالم المادى بينما يوجد عدة عوالم أخرى فماذا كان الله ألها لعالم واحد فمن يكون رب العوالم الأخرى؟
ان الذين يتكلمون العريبة يعرفون ان كلمة عالم تعني world وجمعها worlds التي تعني العالمين كمأ ثبت في القرأن (الحمد لله رب العالمين)، ولكن رشاد رغم ان لغته الأم هي العربية شوه معنى الفاتحة ليجعل لشيطانه نصيبا في حكم الأرض.
وفي نفس الوقت فهو يقول أن الله يفعل كل شي وهذا يعني أنه لا فرق بين الله والشيطان.هذه هي حقيقة رسالة رشاد عبدالحليم.
ان رشاد لم يأت بشي جديد كل افكاره قد قالها قبله المسيحيون والصوفيون وعبدة الشياطين.
لقد حذرنا القرأن من الشيطان الذى ينجح في كل وقت من خلال رسله.
اقرأ قوله تعالى :(الم أعهد اليكم يا بنى أدم أن لا تعبدوا الشيطان انه لكم عدو مبين، وان اعبدوني هذا صراط مستقيم، ولقد أضل منكم جيلا كثيرا أفلم تكونو تعقلون) .
وأخيرا .هذا سؤال نوجهه الى اتباع رشاد.
أو ليس لديكم عقول؟
*******************

هنا انتهى نص الرسالة ، وهناك عدة وثائق اخرى مهمه ايضا فى هذا الموضوع الخطير تبين خلاف الدكتور أحمد صبحى مع رشاد خليفه نذكر منها الاتى :

1) فى 21/10/1996 العدد[3567] من مجلة روز اليوسف المصرية نشر الدكتور احمد صبحى منصور مقالا بعنوان [ هل النبى عليه الصلاة والسلام كان يقرأ ويكتب ] اى بعد سبع سنوات من بحثه الاول (السابق ذكره ) والذى بعنوان ( رشاد خليفه رسول الله ام رسول الشيطان ) نقتطف منه الجزأ الأخير والذى تحدث فيه عن الإعجاز العددى فى القرآن الكريم .

" ومما يبعث على الفخر أن المصريين هم اول من فتح الباب فى اكتشاف الإعجاز العددى للقرآن. ذلك الإعجاز الذى يرتبط إرتباطا وثيقا بنوعية الكتابة الفريدة للقرآن .
1-بدأ ذلك الدكتور عبد الرزاق نوفل فى كتابه( الإعجاز العددى فى القرآن الكريم) ودار كتابه حول التناسق الغريب بين كلمات القرآن . فمثلا كلمة (الدنيا)وكلمة( الآخرة)كل منهما تكرر فى القرآن (115) مرة
2-ومن خلال الكمبيوتر إكتشف الدكتور رشاد خليفة إعجاز الرقم (19) فى كلمات وحروف وآيات القرآن . والعلاقات المعقدة بينها . وكان ذلك الإعجاز الذى اكتشفه فوق تحمل إمكنياته العقلية فإدعى النبوة .ولقى مصرعه... وكنت شاهدا على طرف من حكايته .
3- وتلقف منه الراية مصرى مقيم فى كندا وهو الاستاذ محمد مصطفى صادق . وأجرى ابحاثه حول الرقم (7) فى القرآن . وعثر على نتائج غريبة فى تناسق الحروف والكلمات فى الكتابة القرآنية .
4- ثم إختار الأستاذ مراد الخولى –المصرى المقيم فى كندا نهجا آخر فى كشف الإعجاز فى الكتابة القرآنية . هو حساب قيمة الكلمة القرآنية عدديا طبقا لعلم الحرف . حيث يكون لكل حرف قيمة عددية . ووصل إلى نتائج مذهلة .. وربط احيانا بين هذه النتائج والأعجازات المتصلة بألرقم (19) . (7)
والواضح أن البحث لا يزال فى بداية الطريق .. وأن الإعجاز العلمى للكتابة القرآنية يستلزم المذيد من الجهد ، وسيكون حديث الدنيا فى القرن الواحد والعشرين .. والله تعالى اعلم ." الى هنا انتهى احمد صبحى منصورمن كلامه فى روز اليوسف .

2) وبعد حوالى عشر سنوات تقريبا كتب الدكتور احمد صبحى منصور فى الجرائد الكترونية ردا على هجوم بذيء تعرض له من جريدة الشعب الشعب الكترونية ننقل منه الجزء الخاص برشاد خليفة .
" ثم يصل التلفيق المقترن بالكذب والافتراء الى درجة أنه يتهمنى أننى فى المستقبل سأدعى النبوة ، ثم يرتب على هذا الافتراض الكاذب بذاءاته وهجومه. أى أنه لم يجد فى الماضى والحاضر ما يعينه على الشتم فافترض اننى سأقع فى جريمة ادعاء النبوة ليصب لعناته وبذاءاته كيف شاء . هو بالتأكيد قرأ ما كتبت ، ومنذ كتابى الأول " السيد البدوى بين الحقيقة والخرافة " سنة 1982 والى الان وكل ما أصف به النبى محمدا أنه"النبى الخاتم "أو " خاتم الأنبياء" " خاتم النبيين ". السبب اننى لا أستطيع ان أقول عنه ما يقوله الآخرون من تأليه يناقض القرآن كقولهم عنه " سيد الانبياء أو أشرف المرسلين".. التزمت بالوصف القرآنى له وتركت ما يخالف عقيدة الاسلام . اذا كان محمد هو خاتم الانبياء فى عقيدتى فكيف أخالف عقيدتى وأدعى النبوة لنفسى كافرا بالقرآن الذى وهبته حياتى ؟ أن سبب الخصومة العقيدية بيننا أننى – كما سبق – أومن باكتمال الاسلام بانتهاء القرآن نزولا وبموت خاتم النبيين وانقطاع الوحى وبقاء القرآن حجة على البشر الى قيام الساعة. فهل من يؤمن بهذا ويعانى الاضطهاد بسبب تلك العقيدة يمكن أن يخالفها مدعيا النبوة ؟لقد بنى افتراءه على علاقتى الماضية والمنتهية برشاد خليفة والتى كتبت فيها مرارا ، وأفخر بموقفى فيها. ومع أنها قصة قديمة أحتسبها عند ربى جل وعلا الا أن الخصوم يحلو لهم تكرارها ويضطرونى لاعادة الرد والتوضيح.باختصار شديد : بعد اطلاق سراحى من السجن فى أواخر 1987 وغلق الأبواب فى وجهى والخوف على حياتى اضطررت للهجرة لأمريكا لاجئا مقيما عند رشاد خليفة الذى أراد استغلال وضعى لاجئا لديه فى أن يعلن النبوة ويرغمنى بالوعد والوعيد ان أبارك كذبته، خصوصا وهو الذى يتولى كل امورى ومنها طلبى للجوء السياسى ولا أعرف غيره فى غربتى. تحديته وثرت عليه وتركته هائما على وجهى فى توسان وعشت فيها فى حال لا يعلمه الا الله تعالى منتظرا موعد المؤتمر الذى سيعقده رشاد لتكريس نبوته المزعومة. وبالتعاون مع بعض الخارجين على رشاد تم توزيع انكارى لنبوته وردى على كل دعاويه . مما أفشل المؤتمر وهربت بعدها من مخبئى فى توسان الى سان فرانسسكو ، ومكثت فيها عدة أشهرقبل أن أعود الى مصر لأجد رشاد قد أعد لى ألغاما كثيرة فى انتظارى . حين تركته خارجا عليه ظل يرسل باسمى رسالات بذيئة الى الأزهر وشيوخه حتى يحرق مراكب عودتى الى مصر، أحدثت تلك الرسائل ضجة هائلة ، وكان أثرها سيئا علىّ حين رجعت أذ اعتقلونى فى المطار وحققوا معى ليلتين من أسوا ما مر بى فى حياتى وحين تأكدوا من براءتى أفرجوا عنى. ألغاما اخرى وضعها رشاد فى الجهات الأمريكية الرسمية عبر نفوذه ترتب عليها رفض السفارة الأمريكية اعطائى تأشيرة لمدة اسبوعين فى منتصف التسعينيات لأحضر مؤتمرا عن حقوق الانسان نظمته جامعة برنستون. حصلت على التأشيرة بعد كثير من الاتصالات المضنية مما مكننى اللحاق بالطائرة قبيل اقلاعها. ومكثت أيام المؤتمر فقط طبقا للمكتوب فى جواز السفر وعدت للقاهرة.وبعد هروبى الأخير لأمريكا مزودا باكثر من مائة وثيقة تؤكد اضطهادى أسرعت ادارة الهجرة بالموافقة على منحى اللجوء السياسى ، وكان لا بد من الحصول على الملف القديم الذى قدمه رشاد عنى باعتباره كان الكفيل الرسمى عنى وقتها ، وكانت مفاجأة قاسية لى ولغما انفجر فى وجهى ، اذ ملأه بافتراءات عنى استوجبت اتخاذ قرارات ضدى لم أكن أعلم بها حين كنت فى أمريكا وحين تركتها عائدا لبلد ى. حققت الأجهزة المختصة فى هذا الملف القديم وتعطل حصولى على اللجوء السياسى ستة أشهر. هذا ما جنيته بسبب وقوفى ضد رشاد حين ادعى النبوة. كان من الممكن ان أجاريه الى ان أقف على قدمى واتركه، كما كان يمكننى أيضا ان أنافق الشيوخ حين عطلوا رسالتى فى الدكتوراه ثلاث سنين لأخضع لجهلهم وأغير ما اكتب، وكان ممكنا أن أنافقهم حين أوقفونى عن العمل وصادروا مستحقاتى المالية ومنعونى من السفر والتدريس والترقية لأستاذ مساعد ، وكان ممكنا أن أنافقهم حين وضعونى فى السجن متهما بانكار السنة . لم يحدث على الاطلاق أن استعملت رخصة " الا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان " لأننى وضعت فى قلبى انه لا يوجد مخلوق على وجه الأرض يستطيع اكراه"أحمد صبحى منصور"على أن يقول غير ما يعتقده. وهذا هو سر كراهية ذلك الكاتب لى ولجوئه للكذب والافتراء وافتراض المستحيل كى يحقق الاغتيال المعنوى – اغتيال الشخصية – توطئة للقتل المادى.
ان الكاتب اياه قد كتب نحو أربعين صفحة فى مقاله ينقل عنى ثم برد بأدلة مضحكة يعرف هو أنها لا تستقيم كرد علمى مقنع لذلك أجهد نفسه فى السب والشتم والافتراء والكذب والبذاءة يهدف الى اغتيالى معنويا حتى يقرأ مقالته أحد مجانين التطرف ويقتنع بها فيقوم بقتلى متصورا أن ذلك هو جواز سفره الى الجنة. من ناحيتى أطمئنه أننى أدعو الله تعالى ان أموت قتلا فى سبيل ما أومن به لتتحقق لى الشهادة بمعناها القرآنى ومعناها الشائع. ان زمنا يتطاول فيه أمثال هذا الكاتب على أمثالى ليس جديرا أن ينال اعجابى ولا يستحق أن أتمسك بالحياة فيه . بئس الزمن وبئس طغاته وبئس الأفاقون من مناضليه ومهرجيه ودعاته ..سأظل فى طريقى ما بقيت حيا أدعو الى الى اصلاح المسلمين بكتاب الله تعالى منكرا استغلال الاسلام فى دنيا السياسة ومنكرا كل أكاذيب التراث التى تشوه الاسلام العظيم راضيا ما سيحدث لى محتسبا ما ألقاه فى سبيل ربى جل وعلا معرضا عن الجاهلين مهما قالوا من بذاءة وسفاهة وأكاذيب الى ان يحكم بيننا الواحد القهار جل وعلا. والى أن يأتى يوم الدين أقول لخصومى فى العقيدة والدين : "اعملوا على مكانتكم انا عاملون وانتظروا انا منتظرون" .

هنا انتهى مقال الدكتور أحمد على هجوم جريدة الشعب وهو يعد الوثيقة الثالثة والتى توضح خلاف دكتور أحمد مع رشاد خليفه. بذلك نكون قد تعرضنا لثلاث مقالات للدكتور احمد صبحى منصور لكى يعمل القارئ الكريم عقله هل بعد كل ما كتب الرجل هل تصدق مايقوله الأفاقون فى حق هذا الرجل مهما إختلفت معه فى بعض الأمور أو القضايا؟
إن الرجل سنة 1989 كتب مفندا إدعاءات رشاد خليفة وأثبت انه رسول الشيطان لإن محمد عليه السلام هو خاتم الأنبياء والمرسلين ولا نبى ولا رسول بعده بصورة قاطعة لا لبس فيها .
ثم فى سنة 1996 كتب احمد صبحى منصور فى روز اليوسف ان رشاد خليفة إكتشف جانبا من الإعجاز العددى للقرآن وكان هذا الإكتشاف اكبر من إمكانياته فإدعى النبوة ومات مقتولا .
ثم فى عام 2005 كتب الرد على جريدة الشعب وأكد على نفس المعلومة وحكى عن جزأ كبير من الخلاف.
أى انا الفارق الزمنى يمتد سبعة عشر عاما لكى يظهر الرجل عكس ما يبطن وللعلم فإن الدكتور احمد صبحى منصور من مواليد 1949 أى انه يبلغ من العمر 57 سنة. هل سينتظر حتى يبلغ سن المعاش لكى يدعى النبوة، ويكون نبى على المعاش ، وبذلك يحظى بمعاش نبى مع انه لم يقضى فى الخدمة سوى وقت بسيط .

وسوف نذكر لكم ثلاثة مراحل مهمة فى حياة الدكتور أحمد صبحى منصور أثرت فيه .
ولكن الملاحظ ان رد فعله واحد فى الثلاث مراحل ، وهذه المراحل هى :
- المرحلة الاولى : وهى المرحلة الصوفية ، حيث ولد الدكتور أحمد صبحى فى عام 1949 فى قرية ريفية بسيطة حفظ القرآن الكريم وألحق بالازهر وتفوق بشكل منقطع النظير . والريف المصرى فى ذلك الوقت كما يعرف الجميع كان يعج بالصوفية وكان الاتجاه الصوفى هو السائد والمتحكم فى الحياة الاجتماعية والعلمية وحتى فى الجامعات .
بدأ أحمد صبحى بدراسة التصوف دراسة متعمقة وحصل على الدكتوراه فى نقد التصوف و أفكاره بشكل أثار اعجاب العديد من الشيوخ ، وكان الاعجاب لسببين :
الاول : يرجع الى شجاعته لانه صمد أمام التيار الصوفى وأستطاع هزيمته وحصل على الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى .
الثانى : علمى لان أحمد صبحى منصور قدم دراسة وافيه عن التصوف وتاريخه واعلامه وأثاره فى الحياة السياسية والاجتماعية والدينية.
ولسنا هنا للتأريخ للرجل فهو أقدر على هذا ،ولكن لكى نفهم شخصيته بشكل اكبر ، اى ان الرجل اختلف مع التيار الصوفى بعدما عايشه ودرسه وكان اختلافه علميا ودينيا ولا رجعة فيه .
- المرحاة الثانية : بعدما حصل أحمد صبحى منصور على الدكتوراه بتفوق وخرج من معركته منتصرا على التيار الصوفى داخل الجامعة وخارجها بدأت المرحلو الثانية والتى أهم سماتها هى الفجوة بين القرآن الكريم من جهة وبين التراث السنى الذى كتبه المسلمون من جهة أخرى ، فكان امام طريقين ، أما ان يختار جانب القرآن الكريم ( كلام الله سبحانه وتعالى ) وأما ان يختار التراث السنى الذى كتبه المسلمون . فكان اختياره هو القرآن وبذلك بدأ صدامه مع التيار السنى الذى كان احد اهم رموزه ، أنه انتصر على التيار الصوفى بمفرده فى وقت تحكمه فى جامعة الازهر .
وبدأ التحلف سريعا بين التيار السنى و الصوفى داخل جامعة الازهر لاخراج أحمد صبحى منصور من الجامعة ، وخاصة انه بشجاعته المعهوده درس لطلبة الجامعة كل ما توصل اليه من افكار تخالف السائد ، ونجح التحلف السنى الصوفى فى أخراجه من الجامعة ، ولكن لم يستطع اسكاته .
- المرحلة الثالثة : خرج أحمد صبحى من جامعة الازهر غير أسفا فقد عاش فيها حرا منصب القامة الى ان تركها . وبعد ذلك لم يجد امامه الا المساجد يخطب فيها ، والمناظرات التى كانت تحدث بينه وبين شيوخ الفكر السائد والتى كانت تحدث أثرا كبيرا .وبدأ يحقق نجاحا ، وبدأ فى احراج الشيوخ المتحالفة عليه من التيار السنى داخل مصر وخارجها .وتم الضغط على الحكومة المصرية فتم القبض على أحمد صبحى منصور و 28 من اتباعه منهم بعض أساتذة الجامعات ولبث الدكتور أحمد صبحى منصور فى السجن ورفاقه حوالى شهرين .وتعرض وهو بداخل السجن الى حملة شعواء تهدف الى تشويه الرجل وإغتياله معنويا .
وقاد هذه الحملة الشيوخ ، ولم يستطع المحققون مجارة أحمد صبحى فى ادلته القوية فأراد المحققون الاستعانة بالشيوخ وكالعادة هرب الشيوخ من مواجهته وبذل الشيوخ جهدا جبارا ليس فى تفنيد الحجج القوية له ولكن فى اغتياله معنويا وبث الاشاعات عليه وما زال هذا النهج ساريا حتى الأن .
لم يجد المحققون امامهم الا الإفراج عن احمد صبحى منصور . و بعد خروجه من السجن هاجر إلى امريكا فى ضيافة الدكتور رشاد خليفة فى عام 1988 وما لبس رشاد خليفة أن إدعى النبوة .وكانت النتيجة أن تركه الدكتور احمد صبحى منصور مستعدا لفصل آخر من الحرب ، وإنتهى برجوعه الى وطنه مصر ولتستمر مسيرة الشيوخ فى تجريح الرجل .

مما سبق يتضح الآتى :
أن الدكتور أحمد صبحى عندما إختلف مع التيار الصوفى والتيارالسنى ورشاد خليفة لم يتراجع لم يهادن ولم يجارى الجو العام (مع انه الأضعف بالمقياس البشرى) .ولكنه إختار المواجهة بكل ما أوتى من قوة معرضا سمعته وحياته للخطر فى سبيل مايعتقد أنه حق .
فهل يعقل بعد كل ذلك أن يدعى احمد صبحى منصور النبوة أو أن يكون خليفة رشاد آخر ..؟
أظن أن هذا البحث قد قطع الطريق على جميع من أراد النيل من شخصية د. احمد صبحي منصور بدون حق ويتركهم لا حول لهم ولا قوة بعد ان ظهرت الحقيقة جلية واضحة للقراء.
هد انا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه ..

الأحد، مارس 12، 2006

صاحب ربطة العنق الخضراء أو بديل تلك اللاشومير


بقلم كمال العيادي
نقلاً عن دروب
إلى الأحبّة : كلّ من التقيت من غيلان - لاشومير- تلك التي عند سرّة البيضاء, ثمّ طبعا إلى الكبير محمد المزديو أينما كان… بعد نصف ساعة
تكسّر تعبير وجهه بشكل فظيع، وهو يحد جني بنظرة ناريّة. أنخرطت مرّة أخرى في الضحك. وكنت كلّما حاولت كبح نزق ضحكي ونظرت إليه، وهو يضيّق عينيه الضيّقة بطبعها، ويحاول تعديل تدلّق وجنتيه التي لا تتناسب بتاتا مع وجهه المستدير الصغير، أغرق في موجة جديدة من الضحك.ـ اسمع يا سيّد، أنا شخصيّا لا أجد مبررا لهذا ا لضحك، ولا أستطيع أن أفهم ما الذي يضحكك أساسا !وحين تيقن بأن تأنيبه وهيئة الجدّ التي يتّخذها لا يزيدانني إلاّ مزيدا من الضحك، راح يعدّل من جلسته، ويسوّي من تقوّس ظهره العريض وهو يضحك أيضا لكن بصوت مكتوم محركا برأسه وباحثا بأصابعه المتورّمة عن منديل الورق بين الأوراق المتراكمة على مكتبه.
واصل حكايته، محاولا استرجاع هيئة العزم و الوقار التي تميّزه، وتجعله يبدو أطول قامة، وأخطر شأنا من مجرّد الموظف القصير بمصلحة الشؤون الجبائية واستخلاص الضرائب بالدائرة الشمالية لمدينة ميونيخ.
ـ اسمع، قال مرّة أخرى، وقد تخلّص وجهه نهائيّا من آخر آثار تعابير المرح.في تلك الفترة، كنت أمر حقيقة بفترة صعبة للغاية، هل تفهم ؟كنت وحيدا ومحبطا، وكان عملي التافه في ذلك الوقت، بمصنع - بروكن لاك - للمستحضرات الكيماوية قد دمّر أعصابي تماما. رائحة الدهان الحقيرة ومادّة – التيربانتيكس – تنفذ مباشرة إلى الدّماغ، وتدمّر الخلايا النخاعيّة والغدد الضروريّة للتّوازن. إضافة طبعا لبلادة السيّد – ميلر مان -، ذ لك المحاميّ العجوز الذي كلّفته بمتابعة إجراءات الطّلاق من زوجتي – بيترا - والذي لا أكاد أدخل مكتبه، بعد انتظار طويل، حتّى يضع السّاعة البلاستيكية الصّفراء، الفاقعة اللّون، التي يمتلكها، تماما في منتصف الطّاولة، بيني وبينه. هكـــــــذا.وقبل أن أنهي نصف ما أردت قوله، كان يشير لي بسباته المنفّرة، بأن الوقت المخصص لي قد انتهى. مذكّرا إياي، وهو يسحب دفتر تواصل الاستسلام الأزرق الصغّير، بضرورة دفع القسط الموالي من الأتعاب.
عدّت في في ذلك اليوم بعد يوم مرهق من العمل الشّاق، وكانت مهمّتي في ذلك الحين القيام بجرد وضبط الممتلكات والمخازن لتقديم تقرير لمكتب المحاسبة قبل نهاية السنة.عدت من العمل في ذلك اليوم الأزرق ساخطا على الدّنيا و على العباد. وقد زاد من سخطي، أنّني اكتشفت بقعة سوداء بأسفل كمّ سروالي البنّيّ، وهو السروال الوحيد الذي يتناسب مع ربطة العنق الخضراء الّتي أملكها، وأعتزّ بها لأنّها هديّة من زوجة صديقي المرحوم – هانس براون – النّائب السّابق لرئيس قسم الاعتراضات والنزاعات بالمصلحة الماليّة.
كنت محبطا، وبي إحساس بأنني كيس مبتلّ من البطاطا المتعفّنة.أنت تعرف بأنّني لا أشرب خمرا، أكثر من كأس في المناسبات أو مجاملة لصديق مقرّب. ولكنّني في ذلك اليوم، ولخوفي الشّديد من الكوابيس الّتي لازمت نومي منذ مدة، فإنّني قرّرت الدّخول إلى الحانة الّتي تقع مباشرة أسفل العمارة الكئيبة حيث أسكن، بشارع - بشريد شتراسيا -.كانت حانة تافهة يمتلكها الآن شابّ ألبانيّ أو رومانيّ، اسمه - طاراكان - ذو ملامح سلافيّة وانف قصير حاد مثل منقار الدجاجة، كان معروفا بمجونه وسوء خلقه وأخلاقه. يشغّل كلّ يومين نادلة يوغسلافيّة أو روسيّة من هؤلاء السّاقطات اللاتى يملأن البلد ويدّعين بأنّهن طالبات، بينما هن عاهرات فاسقات من الدّرجة الأولى. كان يبحث عنهنّ ويجدهنّ بلا عناء بفضل إعلانات طلب العمل بالصحف اليوميّة. كان يعاملهن في اليوم الأول كأميرات، ويغض الطرف عن أخطائهنّ، وينفث في آذانهنّ من الوعود والكلام المعسول ما يجعلهن مشدودات مثل حبة الرّمان عند أوان قطافها، ولا يمرّ مساء اليوم الثّاني حتى يكون قد قشّر تفاحتها ثمّ لا يمرّ اليوم الثّالث، حتّى يكون قد أطردها خاصما من أجرتها كلّ ما كانت قد كسرته في يومها الأوّل من كؤوس.
لقد كنت أتقزّز منه ومن كلبه الحقير الأسود، الّذي كان يناديه بتخنّث، وهو يشقشق سوار معصمه الذّهبيّ بميوعة مقرفة : ” تعال يا بلاكي … اجلس يا بلاكي… خذ يا بلاكي”. وكان كلبه أيضا مخنّثا وبلا ذيل. تصوّر الحقير الوسخ، كان يتبعني كلّما ذهبت إلى المرحاض، وكان يلعق بلسانه المعفّن، المليء بالوباء والأمراض، أصابعي. ويتشمّم مؤخّرتي…تفوه.المالك شاذ، و الكلب شاذ، والنّادلة عاهرة ترتدي ملابس داخليّة داكنة، تحت ملابسها البيضاء الشفّافة، ولا تتورع عن لعق نتونة بطن - طاراكان – المليء بالشعر، وهي تعرف بأنّها ستطرد بعد أيام معدودة.ثمّ أن الزّبائن كانوا أيضا في منتهى التّفاهة والجهل والكآبة والضّياع. أكوام نتنة من اللّحم الفاسد، تنتظر يوميّا موتها، وهي تتلمّظ رغوة البيرّة البيضاء.
نفس الوجوه المتورّمة من الهموم وقلّة الهواء النّقيّ، ودخان السّجائر الرّخيصة. خمسة أو ستّة أشباح يسكنون جميعا بنفس المبنى حيث أسكن، وأشمّ رائحتهم الكريهة يوميّا، وأنا أنتظر وصول المصعد لألقى بالزّبالة قبل أن أنام.
- فرانك هانس – المريض بالرّبو، يجلس عند نفس الطّاولة منذ أكثر من عشرين سنة. الطّاولة الأخيرة يسار المطبخ. مقابل المرحاض مباشرة. وهو لا يرفع برأسه من منفضة السّجائر إلا حين يدفع أحدهم الباب المخصّص للمرحاض الرّجاليّ. تصوّر، في هذه الخربة الموبوءة مرحاض للنساء وآخر للرجال. رغم أنّني لم أر إطلاقا امرأة واحدة، غير النّادلات اللّواتي لا يستعملنه في كلّ الأحوال غير مرات معدودات قبل طردهنّ الحتميّ.
الطّاولة الوسطى يحتلّها – موزر- وهو يدّعي بأنّه كان موظّفا بمصلحة حكوميّة، ولكنّني مقتنع بأنّه كان عاطلا عن العمل منذ ولادته. إنّه يظلّ يشرب من السّاعة الواحدة، موعد فتح الحانة إلى حدود السّاعة الثّانية صباحا، حين تنفضه النّادلة لتمسح الطّاولات استعدادا للإغلاق ولعق مؤخّرة مؤجّرها وكلبه النّتن.
عند الطّاولة الملتصقة بباب الدّخول، يجلس دائما – هانس فيبر – ويكفي أن تعرف عنه، بأنّه بقي ثلاث سنوات بمستشفى للأمراض العصبيّة، قبل طرده، لأنّهم اكتشفوا بأنّه ليس مريضا، وإنّما يستغلّ تسامح صندوق التأمين للأكل والسّكن المجانيّ.كان حيوانا بشعا ببطن متدلّقة إلى الأسفل وعلى الجانبين بشكل مقزز. قربة متورّمة بيضاء، وكان حين يقوم متثاقلا مثل عجل بحر عجوز، يتوكأ على كلّ الطاولات التي في طريقه. ولم يكن يخجل إطلاقا، حين تفلت منه ضرطة مختنقة، قبل وصوله للمرحاض. كلّ ما كان يفعل، أنّه كان ينظر إلى – هانس فيبر – ويرفع بحاجبيه علامة عن اليأس الشديد والقنوط من الحياة.
عند الطّاولة الّتي تقع مباشرة تحت جهاز الألعاب الإلكترونيّة، والّتي لا يستعملها أحد غير صاحب الحانة أحيانايجلس – أوتر – وبالرّغم من أنّه لم يبلغ الأربعين بعد، فإنّه لا يكاد يقوى على فتح عينيه، وهو دائما في حالة سكر مطبق، إضافة طبعا للمخدّرات الّتي تفضحها ذراعه الزرقاء، المليئة بالثّقوب المخزّنة. إنّه لا يرى أحدا، ولا يكلّم أحدا. يظلّ جالسا هكذا، منحن إلى الطّاولة، ولا يرفع برأسه إلا حين تستبدل له النّادلة كأسه الفارغة بأخرى ممتلئة. عندها فقط يهمهم بكلمات مبهمة، قبل أن يغيب من جديد في عوالمه المنطفئة.
تحت البار من الجهة اليمين، يجلس – راينه – ينظر بدون انقطاع إلى جميع الإتّجاهات، ويتابع الجميع، يتكلّم حتّى وهو يعرف بأنّ لا أحد يستمع إليه. يعلّق بطريقة مضجرة عن الطّقس، والطّرقات، ، وصندوق الشّيخوخة. وهو يذكّرك دائما بأسلوب نذل، بضرورة التأكد من وجود ورق – التواليت - بالمرحاض، قبل الجلوس. تفوه. إنّه أكثرهم نذالة وحقارة. بل أنّه حشرة قذرة، عبّأت خطأ في هيئة كائن بشريّ.
هناك أيضا أحد الغجر، يدعى – جاك تسيغونيا – كهل تافه في الخمسين من عمره، يلبس خرصا فضّيا بأذنه، ويتباهى بوشم قبيح لامرأة يلتفّ حولها ثعبان, ورأس كبش، مرسوم على ذراعه الأيسر. وإلى جانبه – قيثار- يزعج به الحاضرين كلّما عنّ له ذلك. مردّدا أغان مملّة، سوقيّة، ثمّ أنّه لا يمتلك أيّ موهبة في العزف، لذلك تراه ينقر بأصابعه تارة على الأوتار، وتارة أخرى على خشب القيثار، بدون سبب معقول، محاولا موافقة صوته الأجشّ مع الإيقاع، وناثرا في الجوّ مزيدا من الكآبة والحزن.
المهمّ، دخلت الحانة، وتعمدّت تجنّب الجلوس مقابل ذلك البغل – راينه – خاصة.كنت في حالة نفسيّة، مهيأ معها لضربه بمنفضة السّجائر لو حصل وفتح مغارة فمه الأبخر.والحقيقة أن البحث عن مكان مناسب استغرق منّي وقتا، قبل أن أجد لي مكانا يمكن القول بأنّه مناسب. عند الطّاولة الثّانية، المقابلة للحائط، بحيث أنّني كنت قادرا على مراقبتهم من خلال المرآة المقابلة من ناحيّة، حتّى لا أترك لهم الفرصة للتّغامز وراء ظهري من ناحيّة أخرى، كانت إشارة واضحة منّي بأنّني لا أرغب في الحديث إلى أي حمار منهم.
شربت في ذلك اليوم أربعة كؤوس من – البيلز البافاري -، ذلك أنّي لم أكن مستعدا حقا لطلب البيرة البيضاء كما يفعلون. أربعة كؤوس تكفي. بل هيّ أكثر من اللأّزم . ثمّ أنني بدأت أشعر ببعض الدوار.
كنت أستعدّ للدفع والخروج، خاصة وأنّي بدأت أختنق برائحة السجائر الّتي تملأ هواء الحانة بشكل مكثف.كنت حقّا أستعدّ للخروج، حين اكتشفت وجوده.
في البداية،أصبت بذهول شديد، لأنّني لم ألاحظ وجوده قبل ذلك. كان يجلس قبالتي تماما. هادئا. محترما. يفيض وقارا وحضورا، رغم تقلّص تعبير وجهه الوسيم. أنيق. ممتلئ. رجل نبيل، بأتمّ ما تعنيه الكلمة.يا إلاهي كيف لم ألاحظ وجوده خلال كلّ الوقت الذي قضيته مقابلا له. هل يمكن فعلا أن أصل إلى هذه الحالة، بحيث لا ألاحظ وجوده. فمن المؤكد بأنه كان موجودا قبل مجيئي. وإلا كنت رأيته. كنت أشعر بقدرة سحريّة على اختراقه. بل أنّ حزنه و ضجره تبدى لي وقتها تأكيد آخر بأنّ هذا الشخص، أصيل. صادق. اعتدال كتفيه، رغم تقوس ظهره بعض الشيء. أظافره الشّفافة و المقلّمة بعناية. آثار الخاتم في إصبعه الوسطى دليل على عنايته المفرطة بنظافة يديه. لاحظت بأنّه كان ينظر نحوي هو أيضا بدهشة لا تقلّ عن دهشتي.ولدفع كلّ التباس, طلبت كأسا خامسة من – البيلز – رغم أنّه لم يحدث معي في أيّ يوم من الأيّام, أنّني شربت أكثر من ثلاث كؤوس. وبالرّغم من أنّني كنت قد لاحظت منذ حين, أنّه كان يهمّ قبلي بالخروج. إلاّ أنّه طلب كأسا أخرى من – البيلز – أيضا. ربّما كان يتعمّد هوّ الآخر, مثلي , عدم مشاركة الرّوّاد شرابهم المفضّل, أيكؤس – البيرّة البيضاء - المعبّأة في كؤوس تشبه براميل صغيرة, مع كثير من الرّغوة المتخثّرة.
كان يتصرّف مثلي تماما. يتفرّس في وجهي بحذر شديد, محاولا عدم لفت انتباهي . يبدو أنّه كان مرتبكا أيضا ومصعوقا. أحسست ذلك بثقة استغربت لقوّنها.
لاحظت أيضا بأنّ – طاراكان – صاحب الحانة, يختلس النّظرات نحوى. وحين التقت نظراتنا, ابتسم وأشار بيديه وهو يرفع علبة السّجائر إلى فوق. علامة, فهمت منها أنّه يسألني إن كنت أرغب في سيجارة.
أنا عبد المجيد, أقف, وأتّجه إليه ؟ - طاراكان- بالذّات ؟؟أنا. عبد المجيد بن محمود بن حسين السلاّوي أفعل ذلك, متلفّظا بأفضل ما يسعفني به لساني من عبارات الشّكر. أنا ؟؟نعم. لقد فعلت ذلك فعلا. تصوّر.
حين عدت إلى مكاني, تجرّعت في نفسين, كلّ ما تبقى من كأس – البيلز – ولم أشعر بأيّ رغبة في المغادرة.كنت أحسّ بحالة رائعة من الإنتشاء والخدر والرّضى. محاولا طبعا تجنّب النّظر صوبه. هوّ. هوّ الذي هناك عند الجهة المقابلة. ولم أكن أشكّ أنّه يفترس وجهي.
جاءت النّادلة بكأس – البيلز – السّادسة التي يبدو وأنّني كنت طلبتها قبل ذلك.
انتبهت, لأوّل مرّة إلى أنّ النّادلة جميلة جدّا. بل هيّ في غاية الجمال والرّوعة. بل هيّ معجزة في الجمال. آية من آيات الله التي أكرم بها أرضه القاحلة. قصيدة بلا خلل. لحن جبّار. دندنة عود. أنين ناي وقبس من نور الله.
يا إلهي, يا ربّ المشرقين والمغربين. هل يمكن أن نصاب بالعمى لهذا الحدّ, حتى لا ننتبه لكلّ هذا الجمال وهاته الفتنة التي تسير بيننا بدون حجاب ؟
نظرت إليها مبتسما. وبدت لي كلمة الشّكر التي تلفّظت بها, خيطا رفيعا, مشحونا, امتدّت أصابعها الرّقيقة إلى طرفه الآخر. أمسكت به محاذرة قطعه. لفّته حول أصابع يسراها. نظرت نحوي. صالحتني مع نصف قرن من عمري. إعتذرت لي عن كلّ الآلام التي كنت أعجز عن التّعبير عنها بدقّة. أعادت لي عقود ملكيّة كلّ الأملاك التي لم يتركها أبي في أيّ يوم من الأيّاموقالت لي هاك… أسندت لي مستدركة أرفع العلامات في مادّة الإنشاء التي كنت أمقتها. غفرت لي ذنوبي السّابقة ةاللاّحقة…أجابتني عن الأسئلة العالقة. زغردت اعتذارا عن امّي وذبحت لي خروفين احتفالا بحصولي على شهادة - الباكالوريا - التي لم أتممها.واستني.باستني.عانقتني.مسحت بنور كفّيها على رأسي ونثرت على طاولتي طبقا من الوعود. والابتسامات, ذابت لدفئها كلّ طبقات الصّقيع الجاثمة منذ نصف قرن على قلبي. وأحسست أنّني طليق.طليق. أقدامي ضاربة في رحم الأرض ورأسي في السّماء, يداعب السّماء. اعتراني إحساسبانّني أصلح فتق النّجوم. وأعيد برحمة توزيع مواقعها من جديد.إتّجهت صوب – طاركان – صاحب الحانة , طالبا بلا خجل, سيجارة أخرى. قدّمها لي وهو يحضنني بحنان وحبّ وعطف صادق. نبل. عمق. إخاء. إشراق لا يخالط عظمة فيضه لوم, أنّني أسقطت كرسيّا, في طريقي إليه. الغفران الخالي من المراجعة. القبول للقبول. الرّضى بلا استدراك. السمّو في الصّفح. نسيان ما من أجله يباح الإعتذار. كمال الرّضى.أشعل لي سيجارة واقفا وحاول زجر كلبه – بلاكي – الذي وثب يتشمّمني. ولكنّني انحنيت ومسّحت على ظهره الأسود الدّافئ. وكانت تقلّصات جلدته تبعثني من جديد وتغرس في روحي حبّا جديدا لم أعهده فيّ, لهاته الكائنات الطّيّبة الرّائعة, التي رفضت التّوحّش واستأنست الإنسان. وأحسست فورا بتطهّر تلقائي وحاسم من كلّ الآراء التّافهة والاحكام المسبقة التي كنت أحملها عن الكلاب.وأجابني السيّد – طاراكان – عن سؤالي, بأنّ – بلاكي – سيبلغ سنته الثّالثة خلال شهر أغسطس القادم. قال ذلك وهو ينظر كالحالم للوراء وكأنّه يغفر اخطاء البشر وروّاد الحانة كلّهم. لكم بدى لي عميقا وكبيرا في تلك اللحظة.
كنت طبعا أحسّ به كامل الوقت. هوّ. عند الجهة المقابلة. وكنت أقاوم الرّغبة في النّظر إليه. لكنّني كنت على يقين بأنّه يتابعني بنظراته, حتّى أنّني كدت أتعثّر مرّتين من حدّة الإحساس بأنّه هناك. يسجّل كلّ نفس. كلّ خطوة. كلّ إحساس. كلّ إشراق أو فيض في نفسي. إنّه يقشّرني مثل برتقالة. يقرأني مثل كتاب مفتوح. يحرّك خيوط الضّوء المتراقص عند خشب قلبي. يباركني.يؤازرني. يحميني من الردّة. يسند جسدي الذي كدت أفقد توازنه, حتّى لا يميل. بيني وبينه الأرض. بيني وبينه نصف ميل. هوّ السّاكن في ضلوعي. المطّلع على خفايا الأمور. هوّ. القادم. المدبر. القريب. البعيد. السّاكن. الهاجر. المعاتب. الغافر. المتفرّد. الجمع. السّؤال. الجواب. المسألة. الحلّ. الرّجوع. القطيعة. المحلّ. المسافر. النّديم. الجمر. الضّوء. النّار. الكلّ في آن.
ويبدو أنّ – جاك تسيغوينا – كان قد بدأ في العزف على قيثارته منذ مدّة, لأنّني انتبهت, إليه. هوّ. هناك. وهو ينقر بأصابعه على الطّاولة, متابعا الإيقاع. ولأوّل مرّة وجدت أنّ عزف –جاك-ليس سيّئا. إطلاقا. بل يمكن القول بأنّه مقبول ومناسب للجوّ العام. ثمّ لا ينبغي أن نأخذ – جاك-على أنّه موسيقي عظيم. إنّه لم يدّع ذلك في أيّ يوم من الأيّام أيضا.
دبيب مثل دبيب النّمل يتصاعد بدغدغة مع دمائي المتخثّرة. كنت أحسّني أرتدّ إلى الأرض. شيئا ثقيلا كالرّصاص يسحب الضّوء من عيني.مبتلّ ولزج أنا. أحاول بكلّ ما تبقّى لي من جهد, مغالبة الرّغبة في الإرتخاء. كنت ممزّقا, بين الرّغبة في طلب كأس أخرى, تسوّى وضعي المائل, وبين نداء الفراش الأجشّ.ووجدتني في أشدّ الحاجة إليه. هوّ, هناك. هوّ بالذّات. والآن. الآن وليس في أيّ وقت آخر. سأنظر صوبه. هكذا. سأنظر إليه, وليكن ما يكون. هيّ فرصتي الآن. كان بي عطش للحديث معه هوّ بالذّات. فهو الذي يمكنه رفع أحمالي. هوّ الذي سيخلّصني من هذا القناع الذي تعرّقت تحته تضاريس وجهي وعطنت منذ نصف قرن. هوّ خلاصي وفرصتي الأولى والأخيرة. وليذهب الوقار إلى الجحيم. لتذهب الجداول والقواعد والحذر إلى الجحيم. أريد أن أحيا. أن أبعث حيّا.سأحكي له عن سالمة بنت الجيران. حبّي الأوّل الذي حملته معي كامل الوقت في صمت.سأحدّثه عنها. صورتها وهي تنشر الغسيل فوق السّطح. وهي تدلق ماء الصّابون أزرق أمام عتبة الدّار. فيصيبني الدّوار. حجارة صومعة المسجد, عند آخر الحيّ القديم. أنا الذي خربشت بأعلاها حروف اسمها. س. للأبد. وعلى سور المعهد الشّرقيّ وأطر شبابيك دار الثّقافة الخضراء أيضا. أنا الذي فعلت كلّ ذلك ولم يعلم بشر. أنا الذي فعل ذلك وأكثر.
سأحكي له قصّة حبّي – لهيام يونس – .العسل المعطّر في شفتيها وهي تتهجّأ حروف أغانيها. تميل فأميل. تكوّر شفتيها, فيصيح كلّ سكّان جسدي : الله أكبر…الله أكبر. رفع الحقّ وزهق الباطل. إنّ الباطل كان زهوقا.سأحكي له أيضا. وسيضحك. كيف أنّني كتبت لها رسالة, سلّمتها لموظّف الإستقبال بنزل- أميلكار – حيث كانت تقيم حين قدومها ذلك الصّيف البعيد.
الكلاب تتنابح. هناك حيث لاشيء يدلّ على مرور الوقت غير تشقّق قبر. أو تفسّخ ألوان الأبواب الخشبيّة. الكلاب قد تتنابح. هناك.
كيف يمكن بربّك تبيّن الحدّ بين التّفاصيل, وقلبك متورّم كجرذ متعفّن. فطس منذ اسبوع. وروحك مليئة بالرّيش الملطّخ والبثور؟رغوة البيرّة البيضاء. البيرّة البافاريّة البيضاء تفيض. تفيض من كأس – راينه – هناك. تفيض وتفيض, وهوغائب في قعر كأسه. قعر القعر في قعر كأسه. لولب. لولبيّة. شيىء كريه يتدافع حرّا إلى الأعلى. حلقك يتقلّص ثمّ يتماسك في آخر لحظة. لم يبق إلاّ أن تلوّث قميصك أيضا, ولا سبيل للوصول إلى المرحاض, دون المخاطرة بحدوث الأمر. فضيحة. لن أتحمّل أن تنحني النّادلة لتنظيف الأرض وملابسي, أو عفونتي على الطّاولة. سأقاوم.
جاءني صوتها من أعمق أعمق فجاج الدّنيا.رفعت رصاص راسي وخوّصت عيني اليمنى لأركّز.
- هل يمكنني رفع منفضة السّجائر ؟ أعادت النّادلة مرّة أخرى وهي ترمقني باستياء واضح.- منفضة ماذا ؟- منفضة السّجائر!…أعادت النّادلة مرّة أخرى. – لأنّنا سنغلق.
أدرت كالحصان المذعور ببصري في كلّ اتّجاه.
كنت الزّبون الوحيد بالمقهى. عند البار, كان– طاراكان- مسندا رأسه إلى يديه وهو ينظر لي نظرات عدائيّة تقطر سمّا. يبدو أنه كان في منتهى درجات الضّيق.
لا أحد على الإطلاق, غير النّادلة و –طاراكان- . لا أحد إطلاقا.- سنغلق.
كرّرت النّادلة بتبرّم ونفاذ صبر.
- وأين السيّد صاحب ربطة العنق الخضراء, الذي كان يجلس هناك عند تلك الطّاولة ؟- عن أيّ شخص تتحدّث.- الشّخص الذي كان هناك. السيّد الذي يلبس ربطة عنق خضراء مثلي. أين هوّ ؟؟- لم يدخل أحد يلبس ربطة عنق, منذ اسبوع غيرك .- السيّد الذي……- من فضلك يا حضرة. لم يدخل اليوم ولا في أيّ وقت من الأوقات أحد يلبس ربطة عنق. لا حمراء ولا خضراء. قاطعني – طاراكان – بحدّة وهو ينهض بغضب أذهلني.
دفعت الحساب, وخرجت وأنا في شبه غيبوبة, رغم أنّني كنت قد أفقت تماما من السّكر.هناك خطأ ما.هناك خطأ ما.
إنّهم كذّابون. محتالون.لم يتحمّلوا رؤيتي مرّة واحدة سعيدا. لم يتحمّلوا أولاد الكلب. لذلك ينكرون كلّ شيىء.
كانت تعابير وجهه قد تكسّرت تماما, من جديد, وهو يرفع وجهه نحو.
- ستظنّ طبعا أنّني كنت سكران. أو أنّني لم أنتبه إلى أنّها صورتي منعكسة في الزّجاج.أقسم لك أنّ الأمر لم يكن كذلك.
عموما لم يعد يعنيني ذلك على الإطلاق. لقد مرّ وقت طويل على تلك الحادثة.ثمّ أنّني لم أدخل تلك الحانة الحقيرة التّافهة بعدها إطلاقا. بل أنّني كنت ولمدّة الثّلاث سنوات التي سكنتها بعد تلك اللّيلة بنفس المبنى أتجنّب حتّى مجرّد المرور من أمامها.وقد وجدت حلاّ مناسبا لي ولهم. أنني كنت أدخل المبنى من بابه الخلفيّ. حيث مأوى السيّارات.
كمال العيادي –
ميونيخ*
العنوان الأوّل للقصّة : ليلة لا يمكن إدراجها بمذكّرات السيّد عبد المجيد.وهذه هوّ العنوان الأخير للقصّة, كما ستنشر بمجموعة وجوه وأقنعة
ww.kamal-ayadi.com
ة