قصة قصيرة لحسن عبد الرزاق
نقلاً عن دروب
تغير كل شيء في حياته منذ شهر وحل النقيض محله.الشمس تشرق في المساء .. الالوان الاحتفالية تطرد الالوان الكئيبة من لوحاته .. الاغاني الشبابية تجتاح بايقاعاتها الراقصة مواويل الحزن القاتم .. والكبر :الكبير بدا يحزم حقائبه ليرحلفمعك ..يركض الزمن إلى الوراءإلى سنوات الورد الغضةإلى..ولم يستطع اكمال المقطع الذي صاغه خياله وهو يقود السيارة .. وحين حاول طوال المسافة الممتدة من باب العمارة حتى الكاليري إن يجد له ضربة شعرية قوية يختتمه بها..وجد اله الشعر قد بقي في السيارة.
((مغلق))راى هذه الكلمة متدلية على الباب الذي جاء اليه بكل احلامه .. فتحولت النشوة التي كانت تملا روحه إلى رجفة خوف ارتخى على أثرها كل جسده .لم تكن الكلمة جديدة ..انها توضع باستمرار هناك في اوقات الاستراحة لكنه لم يتوقع وجودها في هذا الوقت بالذات.مد يدا مرتبكة إلى جيب بنطاله الجينز واخرج المفتاح .. وبالكاد ادخله في ثقب القفل لينفتح الباب بعد ثوان ويدخل بلا راس.كان الصمت طاغيا في الداخل .. يغلف اللوحات .. يعرش على نباتات الظل ..ويملا المقاعد العاجية. صمت يقول انها لم تات ككل يوم في موعد عملها المحدد ولم تعد له الشاي لكي يحتسيانه معا .ركضت عيناه إلى مكانها .. مكان أول سكرتيرة شابة تعمل معه .. وسألتاه عن سبب تأخرها في المجيء .. فالساعة ألان الثالثة عصرا وموعد حضورها في الثالثة عادة.أما حضوره المعتاد فيكون في الرابعة ..عدى هذا اليوم .. حيث هرب من زوبعة زوجته التي علمت بان فتاة شابة ستخطف زوجها منها .. بعد خمس وثلاثين سنة مليئة بالابناء والبنات والعراك الذي لاينتهي.أحس بوهن مباغت ينتاب قلبه حين حصد الصمت من سؤاله ..فقد خشي إن يتكرر تاخرها غدا وبعد غد والذي بعده حتى يعيد الزمن صورته القديمة .. صورة الأيام التي تخلو من رائحة الأنثى..ظل أسير الخذلان لفترة قصيرة ..ثم خطى نحو غرفة الرسم لكي يتامل وجهها الموجود في اللوحة التي لم تكتمل بعد .. ريثما تحضر هي بكل كيانها الربيعي وتجلس قبالته على الكرسي ويستانف رسمها والاغتراف من فتنتها.بعد بضع خطوات قطعها وسط دوامات شتى .. اخترقت انفه رائحة شاي آتية من المطبخ الصغير .. أعقبتها حركة قدمين و(حمحمة) مصطنعة من حنجرة نسائية فالتفت متطلعا لكنه لم يشاهد سوى إناء الشاي وهو يرسل بخار جوفه المستعر إلى الفضاء العالي.-آه.أطلق هذه الكلمة بارتياح المفزوع حين تنجلي أشباح الخوف عنه ثم سحب نفسا عميقا جدا فامتلات رئتاه نشاطا واطمئنانا.(الله .. إنها تمزح معك .. تشاكسك أيها العجوز .. والمزاح اول بوادر استجابة الامراة .. ضوؤها الأخضر للرجل عندما ينفتح قلبها له).حرف خطواته عن اتجاهها ومضى إلى حيث تختبىء الفتاة التي رفرف جناح شبابها على غابة خريفه .كانت قدماه وهو يمضي نحو المطبخ تدبان خلسة ..ورأسه يفكر بابتكار حركة طفولية يقوم بها لكي يبادلها المزاح .. لكن الدبيب تحول في الحال إلى جمود صخري عندما طل عليه من الداخل وجها غير وجهها الذي عرفه .فقد انتصب أمام عينيه وجه بتقاسيم غريبة .. ابتسامته كاذبة..ملامحه ضائعة ..ويلوح الارتباك والخوف عليه رغم قناع الهدوء الذي تلبسه.تفرسه باندهاش فاتحا عينيه على أقصاهما..في حين راحت الظنون تتوالد في دماغه كدوائر نهر سببها سقوط حجر فيه.- ماالذي حصل لها؟- لماذا هذا الاصفرار ؟- لم كل هذا الخوف ؟ثم طارت به الشكوك نحو مبلغ المال الذي اسرها بوجوده في احد مجراته المقفلة. وخمن إن يدها قد امتدت اليه .بعد لحظات صمت ثقيلة وقبل إن يهم فمه المفغور بالاستفسار منها ..سقطت شفته العليا على شفته السفلى خائرة ..وانحبس الكلام إلى الابد .. ولم يصدّع الصمت المرعب بأي صوت مستفهم بعد ذلك .. أبدا لم يصدع الصمت.لقد كانت المفاجئة صاعقة بالنسبة له ومحرجة حد العجز عن فعل أي شيء حيالها .. إنها من نمط المفاجئات التي لاتحتاج الا إلى الاستسلام.ظل يدور في ذهوله طويلا ..طويلا جدا ..لا يدري بالضبط كم استغرق دورانه ذلك .. دقيقة أو سنة أو عمرا بحاله .. لايدري ..لكنه حين خرج منه بعد حين .. وجد يده المرتعشة ترمي الكاسيت الشبابي على الأرض .. وتتجه إلى غرفة الرسم.. لتملا خلفية اللوحة التي تحمل وجهها بلون خريفي .. يشبه لون الذبول الذي زرعته يد ابنه الاكبر في روحه .. ابنه الذي وجده يقاسم السكرتيرة خلوة المطبخ.
((مغلق))راى هذه الكلمة متدلية على الباب الذي جاء اليه بكل احلامه .. فتحولت النشوة التي كانت تملا روحه إلى رجفة خوف ارتخى على أثرها كل جسده .لم تكن الكلمة جديدة ..انها توضع باستمرار هناك في اوقات الاستراحة لكنه لم يتوقع وجودها في هذا الوقت بالذات.مد يدا مرتبكة إلى جيب بنطاله الجينز واخرج المفتاح .. وبالكاد ادخله في ثقب القفل لينفتح الباب بعد ثوان ويدخل بلا راس.كان الصمت طاغيا في الداخل .. يغلف اللوحات .. يعرش على نباتات الظل ..ويملا المقاعد العاجية. صمت يقول انها لم تات ككل يوم في موعد عملها المحدد ولم تعد له الشاي لكي يحتسيانه معا .ركضت عيناه إلى مكانها .. مكان أول سكرتيرة شابة تعمل معه .. وسألتاه عن سبب تأخرها في المجيء .. فالساعة ألان الثالثة عصرا وموعد حضورها في الثالثة عادة.أما حضوره المعتاد فيكون في الرابعة ..عدى هذا اليوم .. حيث هرب من زوبعة زوجته التي علمت بان فتاة شابة ستخطف زوجها منها .. بعد خمس وثلاثين سنة مليئة بالابناء والبنات والعراك الذي لاينتهي.أحس بوهن مباغت ينتاب قلبه حين حصد الصمت من سؤاله ..فقد خشي إن يتكرر تاخرها غدا وبعد غد والذي بعده حتى يعيد الزمن صورته القديمة .. صورة الأيام التي تخلو من رائحة الأنثى..ظل أسير الخذلان لفترة قصيرة ..ثم خطى نحو غرفة الرسم لكي يتامل وجهها الموجود في اللوحة التي لم تكتمل بعد .. ريثما تحضر هي بكل كيانها الربيعي وتجلس قبالته على الكرسي ويستانف رسمها والاغتراف من فتنتها.بعد بضع خطوات قطعها وسط دوامات شتى .. اخترقت انفه رائحة شاي آتية من المطبخ الصغير .. أعقبتها حركة قدمين و(حمحمة) مصطنعة من حنجرة نسائية فالتفت متطلعا لكنه لم يشاهد سوى إناء الشاي وهو يرسل بخار جوفه المستعر إلى الفضاء العالي.-آه.أطلق هذه الكلمة بارتياح المفزوع حين تنجلي أشباح الخوف عنه ثم سحب نفسا عميقا جدا فامتلات رئتاه نشاطا واطمئنانا.(الله .. إنها تمزح معك .. تشاكسك أيها العجوز .. والمزاح اول بوادر استجابة الامراة .. ضوؤها الأخضر للرجل عندما ينفتح قلبها له).حرف خطواته عن اتجاهها ومضى إلى حيث تختبىء الفتاة التي رفرف جناح شبابها على غابة خريفه .كانت قدماه وهو يمضي نحو المطبخ تدبان خلسة ..ورأسه يفكر بابتكار حركة طفولية يقوم بها لكي يبادلها المزاح .. لكن الدبيب تحول في الحال إلى جمود صخري عندما طل عليه من الداخل وجها غير وجهها الذي عرفه .فقد انتصب أمام عينيه وجه بتقاسيم غريبة .. ابتسامته كاذبة..ملامحه ضائعة ..ويلوح الارتباك والخوف عليه رغم قناع الهدوء الذي تلبسه.تفرسه باندهاش فاتحا عينيه على أقصاهما..في حين راحت الظنون تتوالد في دماغه كدوائر نهر سببها سقوط حجر فيه.- ماالذي حصل لها؟- لماذا هذا الاصفرار ؟- لم كل هذا الخوف ؟ثم طارت به الشكوك نحو مبلغ المال الذي اسرها بوجوده في احد مجراته المقفلة. وخمن إن يدها قد امتدت اليه .بعد لحظات صمت ثقيلة وقبل إن يهم فمه المفغور بالاستفسار منها ..سقطت شفته العليا على شفته السفلى خائرة ..وانحبس الكلام إلى الابد .. ولم يصدّع الصمت المرعب بأي صوت مستفهم بعد ذلك .. أبدا لم يصدع الصمت.لقد كانت المفاجئة صاعقة بالنسبة له ومحرجة حد العجز عن فعل أي شيء حيالها .. إنها من نمط المفاجئات التي لاتحتاج الا إلى الاستسلام.ظل يدور في ذهوله طويلا ..طويلا جدا ..لا يدري بالضبط كم استغرق دورانه ذلك .. دقيقة أو سنة أو عمرا بحاله .. لايدري ..لكنه حين خرج منه بعد حين .. وجد يده المرتعشة ترمي الكاسيت الشبابي على الأرض .. وتتجه إلى غرفة الرسم.. لتملا خلفية اللوحة التي تحمل وجهها بلون خريفي .. يشبه لون الذبول الذي زرعته يد ابنه الاكبر في روحه .. ابنه الذي وجده يقاسم السكرتيرة خلوة المطبخ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق